فَإِنْ ادَّعَوْا أَنَّ حَدِيثَ عُبَادَةَ مَنْسُوخٌ بِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي} [النور: ٢] الْآيَةَ؟ وَقَالُوا: لِأَنَّ حَدِيثَ عُبَادَةَ «خُذُوا عَنِّي قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا» ؟ قَالُوا: صَحَّ أَنَّ هَذَا الْخَبَرَ كَانَ بَعْدَ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى {وَاللاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِنْ نِسَائِكُمْ} [النساء: ١٥] الْآيَةَ.
قَالَ: فَكَانَ السَّبِيلُ مَا ذُكِرَ فِي حَدِيثِ عُبَادَةَ مِنْ الْجَلْدِ وَالرَّجْمِ وَالتَّغْرِيبِ.
ثُمَّ جَاءَ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي} [النور: ٢] الْآيَةَ، فَكَانَ نَاسِخًا لِخَبَرِ عُبَادَةَ.
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: هَذَا كَلَامٌ جَمَعَ التَّخْلِيطَ وَالْكَذِبَ، أَمَّا التَّخْلِيطُ: فَدَعْوَاهُمْ النَّسْخَ، وَأَمَّا الْكَذِبُ: فَهُوَ التَّحَكُّمُ مِنْهُمْ فِي أَوْقَاتِ نُزُولِ الْآيَةِ، وَمَا فِي خَبَرِ عُبَادَةَ بِلَا بُرْهَانٍ.
وَنَحْنُ نُبَيِّنُ ذَلِكَ - بِحَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى وَقُوَّتِهِ - فَنَقُولُ: إنَّ دَعْوَاهُمْ أَنَّ خَبَرَ عُبَادَةَ كَانَ قَبْلَ نُزُولِ الْآيَةِ مِنْ أَجْلِ مَا فِيهِ «خُذُوا عَنِّي قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا» فَظَنٌّ مِنْهُمْ، وَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ تَعَالَى الْقَطْعَ بِالظَّنِّ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلا الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الأَنْفُسُ} [النجم: ٢٣] .
وَقَالَ تَعَالَى {وَإِنَّ الظَّنَّ لا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا} [النجم: ٢٨] .
وَبِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إيَّاكُمْ وَالظَّنَّ فَإِنَّ الظَّنَّ أَكْذَبُ الْحَدِيثِ» .
لَكِنَّ الْقَوْلَ الصَّحِيحَ فِي هَذَا الْمَكَانِ، هُوَ أَنَّ الْقَطْعَ بِأَنَّ حَدِيثَ عُبَادَةَ كَانَ قَبْلَ نُزُولِ {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي} [النور: ٢] الْآيَةَ، أَوْ بِأَنَّ نُزُولَ هَذِهِ الْآيَةِ كَانَ قَبْلَ حَدِيثِ عُبَادَةَ، فَمِنْ الْمُمْكِنِ أَنْ يَكُونَ حَدِيثُ عُبَادَةَ قَبْلَ نُزُولِ الْآيَةِ الْمَذْكُورَةِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute