وَبِهِ - إلَى عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ أَوْ غَيْرِهِ، قَالَ: سَمِعْت سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ، وَأَبَا الشَّعْثَاءِ جَابِرَ بْنَ زَيْدٍ يَقُولَانِ: إنَّمَا النَّفْيُ أَنْ لَا يُدْرَكُوا، فَإِذَا أُدْرِكُوا، فَفِيهِمْ حُكْمُ اللَّهِ تَعَالَى، وَإِلَّا نُفُوا حَتَّى يَلْحَقُوا بِبَلَدِهِمْ
وَعَنْ الزُّهْرِيِّ أَنَّهُ قَالَ فِيمَنْ حَارَبَ: أَنَّ عَلَيْهِ أَنْ يُقْتَلَ، أَوْ يُصْلَبَ، أَوْ يُقْطَعَ، أَوْ يُنْفَى، فَلَا يُقْدَرُ عَلَيْهِ - وَعَنْ الضَّحَّاكِ فِي قَوْله تَعَالَى {أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الأَرْضِ} [المائدة: ٣٣] قَالَ: هُوَ أَنْ يُطْلَبُوا حَتَّى يُعْجِزُوا
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: وَبِهَذَا يَقُولُ الشَّافِعِيُّ - وَقَالَ آخَرُونَ: النَّفْيُ حَدٌّ مِنْ حُدُودِ الْمُحَارِبِ، كَمَا كَتَبَ إلَيَّ الْمَرْجِيُّ بْنُ زَرْوَانَ قَالَ: أَنَا أَبُو الْحَسَنِ الرَّحَبِيُّ أَنَا أَبُو مُسْلِمٍ الْكَاتِبُ أَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْمُغَلِّسِ أَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ أَنَا حَجَّاجٌ عَنْ عَطِيَّةَ الْعَوْفِيِّ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: إذَا خَرَجَ الرَّجُلُ مُحَارِبًا فَأَخَافَ الطَّرِيقَ، وَأَخَذَ الْمَالَ: قُطِعَتْ يَدُهُ وَرِجْلُهُ مِنْ خِلَافٍ - وَإِذَا أَخَذَ الْمَالَ وَقَتَلَ: قُطِعَتْ يَدُهُ وَرِجْلُهُ مِنْ خِلَافٍ ثُمَّ صُلِبَ - وَإِذَا قَتَلَ وَلَمْ يَأْخُذْ الْمَالَ: قُتِلَ - وَإِذَا أَخَافَ الطَّرِيقَ وَلَمْ يَأْخُذْ مَالًا وَلَمْ يَقْتُلْ: نُفِيَ
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: فَنَظَرْنَا فِيمَا يَحْتَجُّ بِهِ مَنْ قَالَ: إنَّ النَّفْيَ هُوَ السَّجْنُ؟ فَوَجَدْنَاهُمْ يَقُولُونَ: إنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ {أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الأَرْضِ} [المائدة: ٣٣]
قَالُوا: وَالنَّفْيُ فِي لُغَةِ الْعَرَبِ الَّتِي نَزَلَ بِهَا الْقُرْآنُ: هُوَ الْإِبْعَادُ
فَصَحَّ أَنَّ الْوَاجِبَ إبْعَادُهُ مِنْ الْأَرْضِ، قَالُوا: وَلَا يُقْدَرُ عَلَى إخْرَاجِهِ مِنْ الْأَرْضِ جُمْلَةً، فَوَجَبَ أَنْ نَفْعَلَ مِنْ ذَلِكَ أَقْصَى مَا نَقْدِرُ عَلَيْهِ، لِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - «إذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ»
وَلِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} [التغابن: ١٦] فَكَانَ أَقْصَى مَا نَسْتَطِيعُ مِنْ ذَلِكَ إبْعَادَهُ عَنْ كُلِّ مَا قَدَرْنَا عَلَى إبْعَادِهِ مِنْهُ مِنْ الْأَرْضِ، وَغَايَةُ ذَلِكَ السَّجْنُ، لِأَنَّهُ مَمْنُوعٌ مِنْ جَمِيعِ الْأَرْضِ حَاشَا مَا كَانَ سِجْنَهُ الَّذِي لَمْ نَقْدِرْ عَلَى مَنْعِهِ مِنْهُ أَصْلًا، فَلَزِمَنَا مَا اسْتَطَعْنَا مِنْ ذَلِكَ، وَسَقَطَ عَنَّا مَا لَمْ نَسْتَطِعْ مِنْهُ
وَإِنَّمَا قُلْنَا: حَتَّى يُحْدِثَ تَوْبَةً، لِأَنَّهُ مَا دَامَ مُصِرًّا عَلَى الْمُحَارَبَةِ فَهُوَ مُحَارِبٌ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute