للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مُذْنِبٍ، وَلِأَنَّ الدُّعَاءَ إلَى التَّوْبَةِ فَرْضٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ} [التحريم: ٨] الْآيَةَ.

وَإِذَا كَانَ هَذَا الْإِصْرَارُ عَلَى الذَّنْبِ حَرَامًا بِإِجْمَاعِ الْأُمَّةِ كُلِّهَا الْمُتَيَقَّنِ: فَالتَّوْبَةُ وَالْإِقْلَاعُ فَرْضٌ بِإِجْمَاعِ الْأُمَّةِ كُلِّهَا، لَا خِلَافَ فِي ذَلِكَ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ} [النحل: ١٢٥] .

وَقَالَ تَعَالَى {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ} [آل عمران: ١٠٤] الْآيَةَ.

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: فَلَمَّا كَانَتْ التَّوْبَةُ مِنْ سَبِيلِ اللَّهِ تَعَالَى الْمُفْتَرَضُ سُلُوكُهَا وَكَانَتْ مِنْ الْخَيْرِ وَالْمَعْرُوفِ: كَانَ فَرْضًا عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ أَنْ يَدْعُوَ إلَيْهَا بِالنُّصُوصِ الَّتِي ذَكَرْنَا، وَاسْتِتَابَةُ الْمُذْنِبِ قَبْلَ إقَامَةِ الْحَدِّ عَلَيْهِ وَاجِبَةٌ، لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى {وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ} [آل عمران: ١٣٣] فَالْمُسَارَعَةُ إلَى الْفَرْضِ فَرْضٌ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَتِبْهُ الْإِمَامُ، أَوْ مَنْ حَضَرَهُ إلَّا حَتَّى أُقِيمَ عَلَيْهِ الْحَدُّ، فَوَاجِبٌ أَنْ يُسْتَتَابَ بَعْدَ الْحَدِّ - عَلَى مَا ذَكَرْنَا - فَإِنْ لَمْ يَتُبْ فَأُقِيمَ عَلَيْهِ اُسْتُتِيبَ، فَإِنْ تَابَ أُطْلِقَ، وَلَا سَبِيلَ عَلَيْهِ بِحَبْسٍ أَصْلًا، لِأَنَّهُ قَدْ أُخِذَ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى مِنْهُ الَّذِي لَا حَقَّ لَهُ قَبْلَهُ سِوَاهُ، فَالزِّيَادَةُ عَلَى ذَلِكَ تَعَدٍّ لِحُدُودِ اللَّه تَعَالَى، وَهَذَا حَرَامٌ. ٢١٧٦ - مَسْأَلَةٌ: قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: فَإِنْ قَالَ: لَا أَتُوبُ، فَقَدْ أَتَى مُنْكَرًا، فَوَاجِبٌ أَنْ يُعَزَّرَ عَلَى مَا نَذْكُرُهُ فِي " كِتَابِ التَّعْزِيرِ " إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، لِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>