صَاحِبٍ، وَلَا قِيَاسٌ، وَلَا رَأْيٌ سَدِيدٌ وَلَا مَعْقُولٌ - وَلَا يَخْلُو مُسْتَعِينُ الصَّغِيرِ مِنْ أَنْ يَكُونَ مُتَعَدِّيًا بِذَلِكَ، أَوْ لَا يَكُونَ مُتَعَدِّيًا.
-: فَإِنْ كَانَ مُتَعَدِّيًا فَحُكْمُ الْعُدْوَانِ فِي الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ سَوَاءٌ - وَإِنْ كَانَ لَيْسَ مُتَعَدِّيًا، فَالْقَلِيلُ وَالْكَثِيرُ مِمَّا لَيْسَ عُدْوَانًا سَوَاءٌ -، وَكَذَلِكَ إيجَابُ الدِّيَةِ عَلَى مَنْ بَاعَ حُرًّا فَلَمْ يُوجَدْ الْحُرُّ؟ فَهَذَا لَا وَجْهَ لَهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَقْتُلْهُ.
وَأَمَّا قَوْلُ الْحَسَنِ بْنِ حَيٍّ فَخَطَأٌ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَرَ بَأْسًا أَنْ يَسْتَسْقِيَ الْمَرْءُ الصَّبِيَّ، وَعَبْدَ غَيْرِهِ الْمَاءَ، أَوْ يُكَلِّفَهُمَا أَنْ يَحْمِلَا لَهُ وُضُوءًا - ثُمَّ رَأَى عَلَيْهِ ضَمَانَهُمَا إنْ تَلِفَا فِي ذَلِكَ، فَكَيْف يُجْعَلُ الضَّمَانُ فِيمَا حَدَثَ مِنْ فِعْلٍ قَدْ أَبَاحَهُ لِفَاعِلِهِ مِمَّا لَمْ يُبَاشِرْ هُوَ تِلْكَ الْجِنَايَةِ هَذَا ظُلْمٌ ظَاهِرٌ.
وَأَمَّا قَوْلُ سُفْيَانَ فَخَطَأٌ أَيْضًا مِنْ وُجُوهٍ: أَوَّلُهَا - أَنَّهُ فَرَّقَ بَيْنَ الرَّجُلِ يُرْسِلُ الصَّغِيرَ وَالْعَبْدَ لِغَيْرِهِ فِي حَاجَتِهِ بِغَيْرِ إذْنِ أَهْلِهِمَا فَجَنَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا جِنَايَةً فَيَضْمَنُ الْمُرْسِلُ جِنَايَةَ الْعَبْدِ الْكَبِيرِ، وَلَا يَضْمَنُ جِنَايَةَ الْحُرِّ الصَّغِيرِ - وَهُوَ قَوْلٌ لَا يَعْضُدُهُ شَيْءٌ مِنْ الدَّلَائِلِ.
وَالْقَوْلُ الثَّانِي - مَنْ أَرْسَلَ صَغِيرًا فِي حَاجَتِهِ فَأَكَلَهُ الذِّئْبُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ.
فَإِنْ اسْتَأْجَرَ أَجِيرًا صَغِيرًا فِي عَمَلٍ شَاقٍّ فَتَلِفَ فِيهِ ضَمِنَ - وَإِنْ كَانَ الْأَجِيرُ كَبِيرًا لَمْ يَضْمَنْ - فَهَذِهِ فُرُوقٌ لَمْ يَأْتِ بِهَا نَصٌّ وَلَا إجْمَاعٌ؟ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: فَنَظَرْنَا، هَلْ نَجِدُ فِي شَيْءٍ مِنْ هَذَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؟ فَوَجَدْنَا - مِنْ طَرِيقِ الْبُخَارِيِّ نا عَمْرُو بْنُ زُرَارَةَ نا إسْمَاعِيلُ بْنُ إبْرَاهِيمَ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنْ أَنَسٍ قَالَ: «لَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْمَدِينَةَ أَخَذَ أَبُو طَلْحَةَ بِيَدِي فَانْطَلَقَ بِي إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّ أَنَسًا غُلَامٌ كَيِّسٌ فَلْيَخْدُمْكَ، فَخَدَمْتُهُ فِي السَّفَرِ وَالْحَضَرِ، فَوَاَللَّهِ مَا قَالَ لِي لِشَيْءٍ صَنَعْتُهُ: لِمَ صَنَعْتَهُ هَكَذَا؟ وَلَا لِشَيْءٍ لَمْ أَصْنَعْهُ: لِمَ لَمْ تَصْنَعْ هَذَا هَكَذَا»
فَوَجَدْنَا رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَدْ اسْتَخْدَمَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ وَهُوَ يَتِيمٌ ابْنُ عَشْرِ سِنِينَ فِي الْأَسْفَارِ الْبَعِيدَةِ، وَالْقَرِيبَةِ، وَالْغَزَوَاتِ الْمُخِيفَةِ، وَفِي الْحَضَرِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute