وَقَالَ الْآخَرُونَ: مَعْنَى الْأَمْرِ بِهَذِهِ الصَّلَوَاتِ، أَيْ إلَّا أَنْ تَكُونَ وَقْتًا نَهَى فِيهِ عَنْ الصَّلَاةِ فَلَا تُصَلُّوهَا فِيهِ.
قَالَ عَلِيٌّ: فَلَمَّا كَانَ كِلَا الْعَمَلَيْنِ مُمْكِنًا، لَمْ يَكُنْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا أَوْلَى مِنْ الْآخَرِ إلَّا بِبُرْهَانٍ، فَنَظَرْنَا فِي ذَلِكَ: فَوَجَدْنَا مَا حَدَّثَنَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ ثنا أَحْمَدُ بْنُ فَتْحٍ ثنا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عِيسَى ثنا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ ثنا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ ثنا مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ ثنا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى: قَرَأْت عَلَى مَالِكٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، وَبُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ الْأَعْرَجِ حَدَّثُوهُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنْ الصُّبْحِ قَبْلَ أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ فَقَدْ أَدْرَكَ الصُّبْحَ، وَمَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنْ الْعَصْرِ قَبْلَ أَنْ تَغْرُبَ الشَّمْسُ فَقَدْ أَدْرَكَ الْعَصْرَ» ؟ .
فَكَانَ هَذَا مُبَيِّنًا غَايَةَ الْبَيَانِ أَنَّ قَضَاءَ الصَّلَوَاتِ فِي هَذِهِ الْأَوْقَاتِ فَرْضٌ؛ وَأَنَّ الْأَمْرَ مُسْتَثْنًى مِنْ النَّهْيِ بِلَا شَكٍّ؟ .
فَإِنْ قِيلَ: فَلِمَ قُلْتُمْ: إنَّ مَنْ أَدْرَكَ أَقَلَّ مِنْ رَكْعَةٍ مِنْ الْعَصْرِ وَمِنْ الصُّبْحِ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ، وَقَبْلَ غُرُوبِهَا فَإِنَّهُ يُصَلِّيهِمَا؟ .
قُلْنَا: لِمَا نَذْكُرُهُ - إنْ شَاءَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي أَوْقَاتِ الصَّلَوَاتِ - مِنْ قَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «وَقْتُ صَلَاةِ الصُّبْحِ مَا لَمْ يَطْلُعْ قَرْنُ الشَّمْسِ، وَوَقْتُ صَلَاةِ الْعَصْرِ مَا لَمْ تَغْرُبْ الشَّمْسُ» . فَكَانَ هَذَا اللَّفْظُ مِنْهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - مُمْكِنًا أَنْ يُرِيدَ بِهِ وَقْتَ الْخُرُوجِ مِنْ هَاتَيْنِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute