وَبِهِ إلَى الْمُغِيرَةِ عَنْ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ قَالَ: إذَا كَانَ عِنْدَ الرَّجُلِ مَمْلُوكَتَانِ أُخْتَانِ فَلَا يَغْشَيَنَّ وَاحِدَةً مِنْهُمَا حَتَّى يُخْرِجَ الْأُخْرَى عَنْ مِلْكِهِ.
قَالَ شُعْبَةُ: وَقَالَ الْحَكَمُ بْنُ عُتَيْبَةَ، وَحَمَّادُ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ: مَنْ عِنْدَهُ أُخْتَانِ مَمْلُوكَتَانِ لَا يَطَأْ وَاحِدَةً مِنْهُمَا، وَلَا يَقْرَبَنَّهَا حَتَّى يُخْرِجَ إحْدَاهُمَا عَنْ مِلْكِهِ.
وَمِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍ نا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ السِّخْتِيَانِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ عَائِشَةَ أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ عَنْ أَمَةٍ لَهُ قَدْ كَبُرَتْ وَكَانَ يَطَؤُهَا وَلَهَا ابْنَةٌ، أَيَحِلُّ لَهُ أَنْ يَغْشَاهَا؟ فَقَالَتْ لَهُ أُمُّ الْمُؤْمِنِينَ: أَنْهَاك عَنْهَا وَمَنْ أَطَاعَنِي.
وَمِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍ قُلْت لِسُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ: حَدَّثَك مُطَرِّفٌ عَنْ أَبِي الْجَهْمِ عَنْ أَبِي الْأَخْضَرِ عَنْ عَمَّارٍ، قَالَ: يَحْرُمُ مِنْ الْإِمَاءِ مَا يَحْرُمُ مِنْ الْحَرَائِرِ إلَّا الْعَدَدَ؟ قَالَ سُفْيَانُ: نَعَمْ - وَرُوِّينَاهُ أَيْضًا عَنْ عَلِيٍّ.
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: أَمَّا مَنْ تَوَقَّفَ فَلَمْ يَلُحْ لَهُ الْبَيَانُ فَحُكْمُهُ التَّوَقُّفُ، وَأَمَّا مَنْ أَحَلَّهُمَا، فَإِنَّهُ غَلَّبَ قَوْلَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: {إِلا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} [النساء: ٢٤] عَلَى قَوْله تَعَالَى: {وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الأُخْتَيْنِ} [النساء: ٢٣] فَخَصَّ مِلْكَ الْيَمِينِ مِنْ هَذَا النَّهْيِ، وَكَذَلِكَ فَعَلُوا فِي قَوْله تَعَالَى: {وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ} [النساء: ٢٣] .
وَلَا حُجَّةَ لَهُمْ غَيْرُ هَذَا -: فَنَظَرْنَا فِي ذَلِكَ فَوَجَدْنَا النَّصَّيْنِ لَا بُدَّ مِنْ تَغْلِيبِ أَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ بِأَنْ يُسْتَثْنَى مِنْهُ -: أَمَّا كَمَا قَالَ مَنْ ذَكَرْنَا فَيَكُونُ مَعْنَاهُ: وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ، وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ إلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ.
وَأَمَّا كَمَا قُلْنَا نَحْنُ فَيَكُونُ مَعْنَاهُ: إلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إلَّا أَنْ تَكُونَا أُخْتَيْنِ، أَوْ أُمَّ امْرَأَةٍ حَلَّتْ لَكُمْ، أَوْ عَمَّةً وَبِنْتَ أَخِيهَا، أَوْ خَالَةً وَبِنْتَ أُخْتِهَا، فَإِذْ لَا بُدَّ مِنْ أَحَدِ الِاسْتِثْنَاءَيْنِ، وَلَيْسَ أَحَدُهُمَا أَوْلَى مِنْ الْآخَرِ إلَّا بِبُرْهَانٍ ضَرُورِيٍّ، وَأَمَّا بِالدَّعْوَى فَلَا، فَطَلَبُنَا، هَلْ لِلْمُغَلِّبِينَ الْمُسْتَثْنِينَ مِلْكَ الْيَمِينِ مِنْ تَحْرِيمِ: الْأُخْتَيْنِ، وَالْأُمِّ وَابْنَتِهَا، وَالْعَمَّةِ وَبِنْتِ أَخِيهَا، وَالْخَالَةِ وَبِنْتِ أُخْتِهَا بُرْهَانٌ؟ فَلَمْ نَجِدْهُ أَصْلًا، إلَّا أَنَّ بَعْضَهُمْ قَالَ: قَدْ عَلِمْنَا أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لَمْ يَنْهَنَا قَطُّ عَنْ الْجَمْعِ بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ فِي الْوَطْءِ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُمْكِنٍ، وَمُحَالٌ أَنْ يُخَاطِبَنَا اللَّهُ تَعَالَى بِالْمُحَالِ، أَوْ أَنْ يَنْهَانَا عَنْ الْمُحَالِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute