وَقَالَ مَالِكٌ: يُفْسَخُ قَبْلَ الدُّخُولِ وَلَهَا مَهْرُ مِثْلِهَا بَعْدَ الدُّخُولِ. قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: هَذَا شَرْطٌ فَاسِدٌ، لِأَنَّهُ مَجْهُولٌ، قَدْ يُمْكِنُ أَنْ تَحْتَكِمَ هِيَ بِجَمِيعِ مَا فِي الْعَالَمِ، وَقَدْ يُمْكِنُ أَنْ يَحْتَكِمَ هُوَ بِلَا شَيْءٍ، فَمَا كَانَ هَكَذَا فَهُوَ شَرْطٌ لَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَهُوَ بَاطِلٌ، وَالنِّكَاحُ عَلَيْهِ بَاطِلٌ مَفْسُوخٌ.
فَأَمَّا إنْ اشْتَرَطَا ذَلِكَ بَعْدَ عَقْدِ النِّكَاحِ فَالْعَقْدُ صَحِيحٌ، وَلَهَا مَهْرُ مِثْلِهَا، إلَّا أَنْ يَتَرَاضَيَا بِأَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ. وَقَوْلُ مَالِكٍ يُفْسَخُ النِّكَاحُ إنْ لَمْ يَتَّفِقَا: خَطَأٌ، لِأَنَّهُ فَسْخُ نِكَاحٍ صَحِيحٍ بِغَيْرِ أَمْرٍ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى بِذَلِكَ وَلَا مِنْ رَسُولِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ الْبُخَارِيِّ نا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى عَنْ زَكَرِيَّا - هُوَ ابْنُ أَبِي زَائِدَةَ - عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «لَا يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ تَسْأَلُ طَلَاقَ أُخْتِهَا لِتَسْتَفْرِغَ صَحْفَتَهَا فَإِنَّمَا لَهَا مَا قُدِّرَ لَهَا» فَمَنْ اشْتَرَطَ مَا نَهَى عَنْهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَهُوَ شَرْطٌ بَاطِلٌ، وَإِنْ عُقِدَ عَلَيْهِ نِكَاحٌ فَالنِّكَاحُ بَاطِلٌ.
وَمِنْ ذَلِكَ أَنْ لَا يَشْتَرِطَ لَهَا أَنْ لَا يُرَحِّلَهَا فَاخْتَلَفَ النَّاسُ فِي ذَلِكَ -: فَرُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍ نا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ السِّخْتِيَانِيِّ عَنْ إسْمَاعِيلَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي الْمُهَاجِرِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ غَنْمٍ: أَنَّهُ شَهِدَ عِنْدَ عُمَرَ رَجُلٌ أَتَاهُ فَأَخْبَرَهُ أَنَّهُ تَزَوَّجَ امْرَأَةً وَشَرَطَ لَهَا دَارَهَا؟ فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: لَهَا شَرْطُهَا، فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ عِنْدَهُ: هَلَكَتْ الرِّجَالُ إذْ لَا تَشَاءُ امْرَأَةٌ تُطَلِّقُ زَوْجَهَا إلَّا طَلَّقَتْهُ؟ فَقَالَ عُمَرُ: الْمُسْلِمُونَ عَلَى شُرُوطِهِمْ عِنْدَ مَقَاطِعِ حُقُوقِهِمْ.
وَبِهِ إلَى سَعِيدٍ نا سُفْيَانُ - هُوَ ابْنُ عُيَيْنَةَ - نَا عَبْدُ الْكَرِيمِ الْجَزَرِيُّ عَنْ أَبِي عُبَيْدٍ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute