ابْنَتَهُ: وَكَانَا جَعَلَا صَدَاقًا، فَكَتَبَ مُعَاوِيَةُ إلَى مَرْوَانَ يَأْمُرُهُ بِالتَّفْرِيقِ بَيْنَهُمَا، وَقَالَ مُعَاوِيَةُ فِي كِتَابِهِ: هَذَا الشِّغَارُ الَّذِي نَهَى عَنْهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -» .
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: فَهَذَا مُعَاوِيَةُ بِحَضْرَةِ الصَّحَابَةِ لَا يُعْرَفُ لَهُ مِنْهُمْ مُخَالِفٌ يَفْسَخُ هَذَا النِّكَاحَ - وَإِنْ ذَكَرَا فِيهِ الصَّدَاقَ - وَيَقُولُ: إنَّهُ الَّذِي نَهَى عَنْهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَارْتَفَعَ الْإِشْكَالُ جُمْلَةً - وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.
وَالْعَجَبُ كُلُّهُ مِنْ تَشْنِيعِ الْحَنَفِيِّينَ بِخِلَافِ الصَّاحِبِ الَّذِي يَدَّعُونَ أَنَّهُ لَا يُعْرَفُ لَهُ مُخَالِفٌ مِنْ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - كَدَعْوَاهُمْ ذَلِكَ فِي نَزْحِ زَمْزَمَ مِنْ زِنْجِيٍّ مَاتَ فِيهَا فَنَزَحَهَا ابْنُ الزُّبَيْرِ، وَغَيْرُ ذَلِكَ.
ثُمَّ لَمْ يَلْتَفِتُوا هَاهُنَا إلَى مَا عَظَّمُوهُ وَحَرَّمُوهُ هُنَالِكَ.
وَهَذَا خَبَرٌ صَحِيحٌ، لِأَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ هُرْمُزَ مِمَّنْ أَدْرَكَ أَيَّامَ مُعَاوِيَةَ وَرَوَى عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَغَيْرِهِ، وَشَاهَدَ هَذَا الْحُكْمَ بِالْمَدِينَةِ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.
لَا سِيَّمَا فِي مِثْلِ هَذِهِ الْقِصَّةِ الْمَشْهُورَةِ بَيْنَ رَجُلَيْنِ عَظِيمَيْنِ مِنْ عُظَمَاءِ بَنِي هَاشِمٍ، وَبَنِي أُمَيَّةَ يَأْتِي بِهِ الْبَرِيدُ مِنْ الشَّامِ إلَى الْمَدِينَةِ، هَذَا مَا لَا يَخْفَى عَلَى أَحَدٍ مِنْ عُلَمَاءِ أَهْلِهَا وَالصَّحَابَةُ يَوْمَئِذٍ بِالشَّامِ وَالْمَدِينَةِ أَكْثَرُ عَدَدًا مِنْ الَّذِينَ كَانُوا أَحْيَاءً أَيَّامَ ابْنِ الزُّبَيْرِ بِلَا شَكٍّ.
وَرُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ: سُئِلَ عَطَاءٌ عَنْ رَجُلَيْنِ أَنْكَحَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أُخْتَهُ بِأَنْ يُجَهِّزَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِجِهَازٍ يَسِيرٍ لَوْ شَاءَ أَخَذَ لَهَا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ؟ فَقَالَ: لَا، نُهِيَ عَنْ الشِّغَارِ: فَقُلْت لَهُ: إنَّهُ قَدْ أَصْدَقَهَا كِلَاهُمَا؟ قَالَ: لَا، قَدْ أَرْخَصَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ مِنْ أَجْلِ نَفْسِهِ؟ فَقُلْت لِعَطَاءٍ: يُنْكِحُ هَذَا ابْنَتَهُ بِكَذَا وَهَذَا ابْنَتَهُ بِكَذَا بِصَدَاقٍ كِلَاهُمَا يُسَمِّي صَدَاقَهُ، وَكِلَاهُمَا أَرْخَصَ عَلَى أَخِيهِ مِنْ أَجْلِ نَفْسِهِ؟ قَالَ: إذَا سَمَّيَا صَدَاقًا فَلَا بَأْسَ، فَإِنْ قَالَ: جَهِّزْ وَأُجَهِّزُ؟ فَلَا ذَلِكَ الشِّغَارُ، قُلْت: فَإِنْ فَرَضَ هَذَا وَفَرَضَ هَذَا؟ قَالَ: لَا.
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: فَفَرَّقَ عَطَاءٌ بَيْنَ النِّكَاحَيْنِ يُعْقَدُ أَحَدُهُمَا بِالْآخَرِ - ذَكَرَا صَدَاقًا أَوْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute