قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: لَا يَصِحُّ فِي هَذَا الْبَابِ شَيْءٌ، غَيْرُ هَذَا السَّنَدِ - يَعْنِي ذِكْرَ شَاهِدَيْ عَدْلٍ - وَفِي هَذَا كِفَايَةٌ لِصِحَّتِهِ.
فَإِنْ قِيلَ: فَمِنْ أَيْنَ أَجَزْتُمْ النِّكَاحَ بِالْإِعْلَانِ الْفَاشِي، وَبِشَهَادَةِ رَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ عُدُولٍ، وَبِشَهَادَةِ أَرْبَعِ نِسْوَةٍ عُدُولٍ؟ قُلْنَا: أَمَّا الْإِعْلَانُ: فَلِأَنَّ كُلَّ مَنْ صَدَقَ فِي خَبَرٍ فَهُوَ فِي ذَلِكَ الْخَبَرِ عَدْلٌ صَادِقٌ بِلَا شَكٍّ، فَإِذَا أُعْلِنَ النِّكَاحُ، فَالْمُعْلِنَانِ لَهُ بِهِ بِلَا شَكٍّ صَادِقَانِ عَدْلَانِ فِيهِ فَصَاعِدًا، وَكَذَلِكَ الرَّجُلُ وَالْمَرْأَتَانِ فِيهِمَا شَاهِدَا عَدْلٍ بِلَا شَكٍّ، لِأَنَّ الرَّجُلَ وَالْمَرْأَةَ إذَا أُخْبِرَ عَنْهُمَا غَلَبَ التَّذْكِيرُ.
وَأَمَّا الْأَرْبَعُ النِّسْوَةِ فَلِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «شَهَادَةُ الْمَرْأَةِ بِنِصْفِ شَهَادَةِ الرَّجُلِ» وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي " كِتَابِ الشَّهَادَاتِ ".
وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.
وَقَالَ قَوْمٌ: إذَا اُسْتُكْتِمَ الشَّاهِدَانِ فَهُوَ نِكَاحُ سِرٍّ، وَهُوَ بَاطِلٌ.
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: وَهَذَا خَطَأٌ لِوَجْهَيْنِ -: أَحَدُهُمَا - أَنَّهُ لَمْ يَصِحَّ قَطُّ نَهْيٌ عَنْ نِكَاحِ السِّرِّ إذَا شَهِدَ عَلَيْهِ عَدْلَانِ.
وَالثَّانِي - أَنَّهُ لَيْسَ سِرًّا مَا عَلِمَهُ خَمْسَةٌ: النَّاكِحُ، وَالْمُنْكِحُ، وَالْمُنْكَحَةُ، وَالشَّاهِدَانِ - قَالَ الشَّاعِرُ:
أَلَا كُلُّ سِرٍّ جَاوَزَ اثْنَيْنِ شَائِعٌ
وَقَالَ غَيْرُهُ:
السِّرُّ يَكْتُمُهُ الِاثْنَانِ بَيْنَهُمَا ... وَكُلُّ سِرٍّ عَدَا الِاثْنَيْنِ مُنْتَشِرُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute