وَصَحَّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلَاثَةٍ: عَنْ الصَّبِيِّ حَتَّى يَبْلُغَ، وَالْمَجْنُونِ حَتَّى يُفِيقَ، وَالنَّائِمِ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ» .
وَصَحَّ عَنْهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - أَنَّهُ قَالَ: «عُفِيَ لِأُمَّتِي عَنْ الْخَطَأِ وَالنِّسْيَانِ وَمَا اُسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ» .
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَمَالِكٌ: عِتْقُ السَّكْرَانِ جَائِزٌ - وَلَا حُجَّةَ لَهُمْ أَصْلًا، إلَّا أَنَّهُمْ قَالُوا: هُوَ أَدْخَلَ عَلَى نَفْسِهِ ذَلِكَ بِالْمَعْصِيَةِ؟ فَقُلْنَا: نَعَمْ، فَكَانَ مَاذَا؟ وَمِنْ أَيْنَ وَجَبَ إذَا أَدْخَلَ عَلَى نَفْسِهِ ذَلِكَ بِالْمَعْصِيَةِ أَنْ يَلْزَمَهُ مَا لَمْ يُلْزِمْهُ اللَّهُ تَعَالَى قَطُّ؟ وَمَا تَقُولُونَ فِيمَنْ حَارَبَ قَاطِعًا لِلطَّرِيقِ فَأَصَابَتْهُ ضَرْبَةٌ فِي رَأْسِهِ خَبَلَتْ عَقْلَهُ، أَتُجِيزُونَ عَتَاقَهُ؟ وَهُمْ لَا يَفْعَلُونَ هَذَا، وَهُوَ أَدْخَلَهُ عَلَى نَفْسِهِ.
وَعَمَّنْ تَزَنَّك عَاصِيًا لِلَّهِ تَعَالَى فَقَطَعَ لَحْمَ سَاقَيْهِ وَكَوَى ذِرَاعَيْهِ عَبَثًا أَتُجِيزُونَ لَهُ الصَّلَاةُ جَالِسًا أَمْ لَا؟ لِأَنَّهُ أَدْخَلَ عَلَى نَفْسِهِ ذَلِكَ بِالْمَعْصِيَةِ
وَعَمَّنْ سَافَرَ فِي قَطَعَ الطَّرِيقَ فَلَمْ يَجِدْ مَاءً وَخَافَ ذَهَابَ الْوَقْتِ أَيَتَيَمَّمُ أَمْ لَا؟ وَكُلُّ هَذَا يَنْقُضُونَ فِيهِ هَذَا الْأَصْلَ الْفَاسِدَ.
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: عِتْقُ الْمُكْرَهِ جَائِزٌ.
وَقَالَ مَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ: لَا يَلْزَمُهُ - وَمَا نَعْلَمُ لِلْحَنَفِيِّينَ حُجَّةً أَصْلًا، إلَّا آثَارًا فَاسِدَةً فِي الطَّلَاقِ خَاصَّةً وَلَيْسَ الْعَتَاقُ مِنْ الطَّلَاقِ وَالْقِيَاسُ بَاطِلٌ.
وَاحْتَجَّ بَعْضُهُمْ «بِثَلَاثِ جَدُّهُنَّ جَدٌّ وَهَزْلُهُنَّ جَدٌّ» فَذَكَرَ بَعْضُهُمْ فِي ذَلِكَ الْعَتَاقَ - وَهُوَ خَبَرٌ مَكْذُوبٌ.
ثُمَّ لَوْ صَحَّ لَمْ تَكُنْ لَهُمْ فِيهِ حُجَّةٌ أَصْلًا؛ لِأَنَّنَا لَسْنَا مَعَهُمْ فِيمَنْ هَزَلَ فَأَعْتَقَ، إنَّمَا نَحْنُ مَعَهُمْ فِيمَنْ أُكْرِهَ فَأَعْتَقَ، وَلَيْسَ فِي هَذَا الْخَبَرِ - عَلَى نَحْسِهِ وَوَضْعِهِ - ذِكْرُ إكْرَاهٍ - ثُمَّ لَا يُجِيزُونَ بَيْعَ الْمُكْرَهِ، وَلَا إقْرَارَهُ، وَلَا هِبَتَهُ -: وَهَذَا تَنَاقُضٌ ظَاهِرٌ، وَتَمَامُهَا فِي الَّتِي بَعْدَهَا.
وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute