وَلِغَيْرِهِ حَاشَا الْجِمَاعَ فَقَطْ، فَإِنَّهُ حَرَامٌ عَلَيْهِ بَعْدُ حَتَّى يَطُوفَ بِالْبَيْتِ -: فَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ، وَالشَّافِعِيِّ، وَأَبِي سُلَيْمَانَ، وَأَصْحَابِهِمْ.
وَقَالَ مَالِكٌ، وَسُفْيَانُ: إذَا رَمَى الْجَمْرَةَ حَلَّ لَهُ كُلُّ شَيْءٍ إلَّا النِّسَاءَ، وَالتَّصَيُّدَ، وَالطِّيبَ - قَالَ: فَإِنْ تَطَيَّبَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِمَا جَاءَ فِي ذَلِكَ، وَإِنْ تَصَيَّدَ فَعَلَيْهِ الْجَزَاءُ.
وَذَكَرُوا فِي ذَلِكَ رِوَايَةً عَنْ عُمَرَ، وَابْنِهِ عَبْدِ اللَّهِ: أَنَّهُ حَلَّ لَهُ كُلُّ شَيْءٍ إلَّا النِّسَاءَ وَالطِّيبَ - وَعَنْ سَالِمٍ، وَعُرْوَةَ مِثْلُ هَذَا.
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: أَمَّا ابْنُ عُمَرَ فَقَدْ رُوِيَ عَنْهُ الرُّجُوعُ، وَقَدْ خَالَفَ فِي ذَلِكَ عُمَرُ: عَائِشَةَ وَغَيْرَهَا؛ كَمَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍ نَا سُفْيَانُ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَالَ عُمَرُ: «إذَا رَمَيْتُمْ الْجَمْرَةَ بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ، وَذَبَحْتُمْ، وَحَلَقْتُمْ، فَقَدْ حَلَّ لَكُمْ كُلُّ شَيْءٍ، إلَّا الطِّيبَ، وَالنِّسَاءَ؛ فَقَالَتْ عَائِشَةُ: أَنَا طَيَّبْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَسُنَّةُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَحَقُّ أَنْ تُتَّبَعَ» .
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: هَذَا قَوْلُ ابْنِ عُمَرَ الَّذِي لَوْ اتَّبَعُوهُ لَوُفِّقُوا -: وَمِنْ طَرِيقِ وَكِيعٍ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ عَنْ الْحَسَنِ الْعُرَنِيِّ عَنْ «ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: إذَا رَمَيْتُمْ الْجَمْرَةَ فَقَدْ حَلَّ لَكُمْ كُلُّ شَيْءٍ إلَّا النِّسَاءَ، فَقَالَ رَجُلٌ: وَالطِّيبُ؟ فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: أَمَّا أَنَا فَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُضَمِّخُ رَأْسَهُ بِالْمِسْكِ أَطِيبٌ ذَلِكَ أَمْ لَا» ؟ -: وَمِنْ طَرِيقِ وَكِيعٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - قَالَتْ: إذَا رَمَيْت الْجَمْرَةَ فَقَدْ حَلَّ لَك كُلُّ شَيْءٍ إلَّا النِّسَاءَ.
وَعَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ سَمِعْت ابْنَ الزُّبَيْرِ يَقُولُ: إذَا رَمَيْت الْجَمْرَةَ فَقَدْ حَلَّ لَك كُلُّ شَيْءٍ مَا وَرَاءَ النِّسَاءِ.
وَهُوَ قَوْلُ عَطَاءٍ، وَطَاوُسٍ، وَعَلْقَمَةَ، وَخَارِجَةَ بْنِ زَيْدٍ بْنِ ثَابِتٍ.
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا} [المائدة: ٩٦] .
وَقَالَ تَعَالَى: {وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا} [المائدة: ٢] .
وَجَاءَ النَّصُّ وَإِجْمَاعُ الْمُخَالِفِينَ مَعْنَاهُ عَلَى أَنَّ الْمُحْرِمَ حَرَامٌ عَلَيْهِ لِبَاسُ الْقُمُصِ، وَالْعَمَائِمِ، وَالْبَرَانِسِ، وَالْخُفَّيْنِ، وَالسَّرَاوِيلِ، وَحَلْقُ الرَّأْسِ؛ وَوَافَقُونَا مَعَ مَجِيءِ النَّصِّ عَلَى جَوَازِ لِبَاسِ كُلِّ ذَلِكَ إذَا رَمَى وَنَحَرَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute