فَرُوِّينَا عَنْ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ أَنَّهُ قَالَ فِي الْحَائِضِ تَطْهُرُ بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ: لَا تَأْكُلُ إلَى اللَّيْلِ، كَرَاهَةَ التَّشَبُّهِ بِالْمُشْرِكِينَ. وَبِهِ يَقُولُ أَبُو حَنِيفَةَ، وَالْأَوْزَاعِيُّ، وَالْحَسَنُ بْنُ حَيٍّ، وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَسَنِ، وَعَنْ عَطَاءٍ - إنْ طَهُرَتْ أَوَّلَ النَّهَارِ فَلْتُتِمَّ يَوْمَهَا، وَإِنْ طَهُرَتْ فِي آخِرِهِ أَكَلَتْ وَشَرِبَتْ؛ وَبِمِثْلِ قَوْلِنَا يَقُولُ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، وَمَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَبُو سُلَيْمَانَ. وَأَمَّا الْكَافِرُ يُسْلِمُ -: فَرُوِّينَا عَنْ عَطَاءٍ إنْ - أَسْلَمَ الْكَافِرُ فِي يَوْمٍ مِنْ رَمَضَانَ صَامَ مَا مَضَى مِنْ الشَّهْرِ وَإِنْ أَسْلَمَ فِي آخِرِ النَّهَارِ صَامَ ذَلِكَ الْيَوْمَ. وَعَنْ عِكْرِمَةَ مِثْلُ ذَلِكَ، وَقَالَ: هُوَ بِمَنْزِلَةِ الْمُسَافِرِ يَدْخُلُ فِي صَلَاةِ الْمُقِيمِينَ. وَعَنْ الْحَسَنِ مِثْلُ ذَلِكَ.
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ فِي الصَّبِيِّ يَبْلُغُ بَعْدَ الْفَجْرِ: أَنَّ عَلَيْهِ صَوْمَ مَا بَقِيَ مِنْ يَوْمِهِ. وَكَذَلِكَ قَالَ فِي الْمُسَافِرِ يَقْدُمُ بَعْدَ الْفَجْرِ. قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: وَاحْتَجَّ مَنْ أَوْجَبَ صَوْمَ بَاقِي الْيَوْمِ بِأَنْ قَالَ: قَدْ كَانَ الصَّبِيُّ قَبْلَ بُلُوغِهِ مَأْمُورًا بِالصِّيَامِ فَكَيْف بَعْدَ بُلُوغِهِ. وَقَالُوا: هَلَّا جَعَلْتُمْ هَؤُلَاءِ بِمَنْزِلَةِ مَنْ بَلَغَهُ الْخَبَرُ أَنَّ الْهِلَالَ رُئِيَ الْبَارِحَةَ؟ قُلْنَا: هَذَا قِيَاسٌ، وَالْقِيَاسُ كُلُّهُ بَاطِلٌ، ثُمَّ لَوْ كَانَ الْقِيَاسُ حَقًّا لَكَانَ هَذَا مِنْهُ بَاطِلًا لِأَنَّ الَّذِي جَاءَهُ خَبَرُ الْهِلَالِ كَانَ مَأْمُورًا بِصَوْمِ ذَلِكَ الْيَوْمِ لَوْ عَلِمَ أَنَّهُ مِنْ رَمَضَانَ أَوْ أَنَّهُ فَرْضُهُ. وَكُلُّ مَنْ ذَكَّرَنَا فَهُمْ عَالِمُونَ بِوُجُوبِ الصَّوْمِ عَلَى غَيْرِهِمْ، وَبِدُخُولِ رَمَضَانَ، إلَّا أَنَّ فِيهِمْ مَنْ هُوَ مَنْهِيٌّ عَنْ الصَّوْمِ جُمْلَةً؛ وَلَوْ صَامَ كَانَ عَاصِيًا: كَالْحَائِضِ، وَالنُّفَسَاءِ، وَالْمُسَافِرِ، وَالْمَرِيضِ الَّذِي يُؤْذِيهِ الصَّوْمُ. وَفِيهِمْ مَنْ هُوَ غَيْرُ مُخَاطَبٍ بِالصَّوْمِ، وَلَوْ صَامَهُ لَمْ يُجِزْهُ - وَهُوَ الصَّبِيُّ - وَإِنَّمَا يَصُومُ إنْ صَامَ تَطَوُّعًا لَا فَرْضًا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute