وَقَالَ تَعَالَى: {إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ} [الجمعة: ٩] وَقَالَ تَعَالَى: {وَلا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا} [البقرة: ٢٨٢] .
وَقَالَ تَعَالَى: {انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالا} [التوبة: ٤١] .
فَهَذِهِ فَرَائِضُ لَا يَحِلُّ تَرْكُهَا لِلِاعْتِكَافِ، وَبِلَا شَكٍّ عِنْدَ كُلِّ مُسْلِمٍ أَنَّ كُلَّ مَنْ أَدَّى مَا افْتَرَضَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ فَهُوَ مُحْسِنٌ.
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ} [التوبة: ٩١] .
فَفَرَضَ عَلَى الْمُعْتَكِفِ أَنْ يَخْرُجَ لِعِيَادَةِ الْمَرِيضِ مَرَّةً وَاحِدَةً، يَسْأَلُ عَنْ حَالِهِ وَاقِفًا وَيَنْصَرِفُ لِأَنَّ مَا زَادَ عَنْ هَذَا فَلَيْسَ مِنْ الْفَرْضِ، وَإِنَّمَا هُوَ تَطْوِيلٌ، فَهُوَ يُبْطِلُ الِاعْتِكَافَ؟
وَكَذَلِكَ يَخْرُجُ لِشُهُودِ الْجِنَازَةِ، فَإِذَا صَلَّى عَلَيْهَا انْصَرَفَ، لِأَنَّهُ قَدْ أَدَّى الْفَرْضَ، وَمَا زَادَ فَلَيْسَ فَرْضًا، وَهُوَ بِهِ خَارِجٌ عَنْ الِاعْتِكَافِ؟ وَفَرْضٌ عَلَيْهِ: أَنْ يَخْرُجَ إذَا دُعِيَ، فَإِنْ كَانَ صَائِمًا بَلَغَ إلَى دَارِ الدَّاعِي وَدَعَا وَانْصَرَفَ، وَلَا يَزِدْ عَلَى ذَلِكَ؟
وَفَرْضٌ عَلَيْهِ: أَنْ يَخْرُجَ إلَى الْجُمُعَةِ بِمِقْدَارِ مَا يُدْرِكُ أَوَّلَ الْخُطْبَةِ، فَإِذَا سَلَّمَ رَجَعَ، فَإِنْ زَادَ عَلَى ذَلِكَ خَرَجَ مِنْ الِاعْتِكَافِ، فَإِنْ خَرَجَ كَمَا ذَكَرْنَا ثُمَّ رَأَى أَنَّ فِي الْوَقْتِ فُسْحَةً فَإِنْ عَلِمَ أَنَّهُ إنْ رَجَعَ إلَى مُعْتَكَفِهِ ثُمَّ خَرَجَ أَدْرَكَ الْخُطْبَةَ فَعَلَيْهِ أَنْ يَرْجِعَ، وَإِلَّا فَلْيَتَمَادَ، وَكَذَلِكَ إنْ كَانَ عَلَيْهِ فِي الرُّجُوعِ حَرَجٌ، لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} [الحج: ٧٨] .
وَكَذَلِكَ يَخْرُجُ لِلشَّهَادَةِ إذَا دُعِيَ سَوَاءٌ قَبِلَ أَوْ لَمْ يَقْبَلْ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَمَرَ الشُّهَدَاءَ بِأَنْ لَا يَأْبَوْا إذَا دُعُوا، وَلَمْ يَشْتَرِطْ مَنْ يَقْبَلُ مِمَّا لَا يَقْبَلُ {وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا} [مريم: ٦٤] إذَا أَدَّاهَا رَجَعَ إلَى مُعْتَكَفِهِ وَلَا يَتَرَدَّدُ، فَإِنْ تَرَدَّدَ: بَطَلَ اعْتِكَافُهُ؟
وَهُوَ كُلُّهُ قَوْلُ أَبِي سُلَيْمَانَ، وَأَصْحَابِنَا؟
وَرُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍ: أَنَا أَبُو الْأَحْوَصِ أَنَا أَبُو إِسْحَاقَ هُوَ السَّبِيعِيِّ - عَنْ عَاصِمِ بْنِ ضَمُرَةَ قَالَ: قَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ: إذَا اعْتَكَفَ الرَّجُلُ فَلْيَشْهَدْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute