سؤال العبد ربه الهداية في كل صلاة فرضًا كانت أم نفلًا، وذلك في كل ركعة من ركعات الصلاة، بل وفي غير الصلاة أيضًا، كل ذلك لا يدل على التوحيد فحسب، بل يدل على كماله وتمامه وتقلب العبد في تلك المنازل العالية آناء الليل وأطراف النهار، وفي كل أحواله وأطواره.
٣ - ومن دلالة طلب الهداية على التوحيد استجابة العبد لأمر ربه في طلبها ليل نهار بل في الثبات عليها وعدم الحيد عنها وعن طريقها وسبيلها تعالى في وصف دعاء المؤمنين الراسخين: {رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ (٨)} [آل عمران].
أي:«لا تَمِلها عن الحق والهدى كما أزغت قلوب الذين في قلوبهم زيغ»(١).
٤ - ومن دلائل طلب الهداية على التوحيد.
أن العبد مفتقر إلى ربه في كل أحواله فهو لا حول ولا قوة له إلا بمعونة ربه وتوفيقه، فلا يملك هذا العبد الفقير الضعيف لنفسه نفعًا ولا ضرًّا ولا موتًا ولا حياة ولا نشورًا، فأمره ربهُ تعالى أن يسأله في كل وقت وحين أن يهديه صراطه المستقيم ويثبته عليه ويبصره به ويستديمه على الثبات عليه ويزيده ثباتًا وهداية ويزيده من ذلك كله وألا يزيغه عنه أبدًا.
٥ - ومن دلائل طلب الهداية على التوحيد.
أن الاستمرار في طلب الهداية إشارة إلى فقر العبد الدائم الذي لا ينفك عنه بحال من الأحوال ما دام في دار التكليف، قال ربنا: {وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ (٩٩)} [الحجر].
وهذه الآية الكريمة إنما وردت في ختام سورة الحجر، خاتمة لجمع من وصايا