للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومن المتأخرين الذين خاضوا في علم الكلام ولم يرجعوا منه بفائدة، بل وقعوا في الحيرة الإمام الشوكاني فإنه حدَّث عن نفسه فقال: «ها أنا أخبرك عن نفسي، وأوضح لك ما وقعت فيه أمس؛ فإني في أيام الطلب وعنفوان الشباب شغلت بهذا العلم الذي سمّوه تارة علم الكلام، وتارة علم التوحيد، وتارة علم أصول الدين، وأكببت على مؤلفات الطوائف المختلفة منهم، ورُمْت الرجوع بفائدة، والعود بعائدة، فلم أظفر بغير الخيبة والحيرة، وكان ذلك من الأسباب التي حبّبت إليَّ مذهب السلف على أني كنت قبل ذلك عليه، ولكن أردت أن أزداد منه بصيرة وبه شغفًا، وقلت عند ذلك في تلك المذاهب:

وغاية ما حصّلته من مباحثي … ومن نظري من بعد طول التأمل

هو الوقف ما بين الطريقين … حيرة فما علم من لم يلق غير التحير

على أنني قد خضت منه غماره … وما قنعت نفسي بغير التبحر (١)

وبهذا يتبين لنا صحة مذهب السلف في باب الأسماء والصفات.

ثمرات الإيمان بتوحيد الأسماء والصفات: (٢)


=إحياء علوم الدين في ميزان العلماء والمؤرخين لعلي الحلبي.
قلت: ويقولون: إنَّه خُتم له بخيرٍ، فترك التصوفَ والفلسفةَ، ومات و «صحيح البخاري» على صدره ‍! فكان ماذا؟ وهل كان هذا الإمامُ غافلًا عن البخاري، لكنَّ فضلَ اللهِ على خلقه عظيمٌ، ورحمتُه وسعتْ كلَّ شيءٍ، فنسأل الله له الرحمة، لكن هذا لا يلزم منه مدحه، والثناء عليه، وتلقيبه بـ «حجة الإسلام»!! ويجب ترك ما في كتبه مِن انحرافٍ وضلالٍ.
(١) التحف في مذاهب السلف (ص ٣٧ - ٣٨). ينظر: رسائل الشيح الحمد في العقيدة (٤/ ١).
(٢) ينظر: كتاب التوحيد ومعرفة أسماء الله وصفاته على الاتفاق والتفرد لابن منده، (٢/ ١٨ - ١٩)، والتفسير القيم لابن القيم (ص ٢٤ - ٣٧)، ومفتاح دار السعادة لابن القيم ٢/ ٩٠٩١، والصواعق المنزلة على الطائفة الجهمية والمعطلة لابن القيم، (١/ ٥٩ - ٦٢)، وطريق الهجرتين وباب السعادتين لابن القيم (ص ٨٢ - ٨٥)، والأسماء والصفات في معتقد أهل السنة والجماعة، د. عمر الأشقر (ص ١٨ - ٣٩)، والشيخ عبد الرحمن بن سعدي وجهوده في=

<<  <   >  >>