للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

﴿وَكُلُواْ وَاشْرَبُواْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ﴾ (١). رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَأَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ.

وَفِي رِوَايَةٍ: كَانَ النَّاسُ عَلَى عَهْدِ النّبيِّ إِذَا صَلَّوُا الْعَتَمَةَ (٢) حَرُمَ عَلَيْهِمُ الطَّعَامُ وَالشَّرَابُ وَالنِّسَاءُ وَصَامُوا إِلى الْقَابِلَةِ (٣) فَاخْتَانَ رَجُلٌ نَفْسَهُ (٤) فَجَامَعَ امْرَأَتَهُ وَقَدْ صَلَّى الْعِشَاءَ وَلَمْ يُفْطِرْ (٥) فَأَرَادَ اللَّهُ أَنْ يُجْعَلَ ذلِكَ يُسْراً لِمنْ بَقِيَ وَرُخْصَةً وَمَنْفَعَةً فَقَالَ سُبْحَانَهُ ﴿عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنتُمْ تَخْتانُونَ أَنْفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنْكُمْ﴾ الآية (٦).

• عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الأَكْوَعِ قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ هذِهِ الآيَةُ ﴿وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ﴾ كَانَ مَنْ أَرَادَ مِنَّا أَنْ يُفْطِرَ وَيَفْتَدِيَ فَعَلَ حَتَّى نَزَلَتِ الآيةُ الَّتِي بَعْدَهَا ﴿فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ﴾ فَنَسَخَتْهَا (٧).

• عَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ ﴿حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ﴾ قلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي أَجْعَلُ تَحْتَ وِسَادَتِي عِقَالَيْنِ عِقَالاً أَبْيَضَ وَعِقَالاً أَسْوَدَ أَعْرِفُ اللَّيْلَ مِنَ النَّهَارِ. زَادَ في رِوَايَةٍ: فَجَعَلْتُ أَنْظُرُ فِي اللَّيْلِ فَلَا يَسْتَبِينُ لي، فَقَالَ : «إِنَّ وِسَادَتَكَ لَعَرِيضٌ


(١) فأحل لهم كل شيء من الغروب إلى الفجر.
(٢) أي العشاء.
(٣) أي إلى الليلة الآتية.
(٤) يفسره ما بعده.
(٥) هي وما قبلها جملتان حاليتان أي إن ذلك الرجل جامع امرأته بعد صلاة العشاء ولم يكن حينذاك مفطرا لمرض أو غيره. وذلك الرجل هو عمر كان يسمر مع النبي فرجع إلى بيته وأراد امرأته؟ فقالت له: إنى نمت. فقال: ما نمت، ووقع عليها. وكذا صنع مثله كعب بن مالك فكان عملهما ذلك سببا للتخفيف بإطالة وقت الإفطار إلى الفجر.
(٦) تمامها. ﴿فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ﴾.
(٧) فكانوا في صدر الإسلام مخيرين بين الصوم، وبين الإفطار ودفع الفدية، حتى نزلت الآية الثانية فنسخت الآية الأولى وصار الصوم فرضا عينيا على كل حاضر قادر عليه وعلى هذا الجمهور. وقال ابن عباس: ليست الآية منسوخة، إنما هي في الشيخ الكبير والمرأة الكبيرة، وسيأتي ذلك في الفدية، ومن هذا يتضح أنه لا وجه لما قاله بعض المفسرين في الآية من تقدير محذوف وغيره مما يخالف هذا.

<<  <  ج: ص:  >  >>