فالجاهل يشكو الله إِلَى النَّاس وَهَذَا غاية الجهل بالمشكو والمشكو إليه فإنه لو عرف ربه لما شكاه، ولو عرف النَّاس لما شكا إليهم لأنهم مساكين عاجزون. وَرُبَّمَا كَانُوا من المتشمتين الَّذِينَ يفرحون عليه ويفرحون بموته.
ورأى بَعْض السَّلَف رجلاً يشكو إِلَى رجل فاقته وضرورته فقَالَ: يَا هَذَا وَاللهِ ما زدت على أن شكوت من يرحمك إِلَى من لا يرحمك والعارف إنما يشكو إِلَى الله وحده.
وأعرف العارفين من جعل شكواه إِلَى الله من نَفْسهُ لا من النَّاس فهو يشكو من موجبات تسليط النَّاس عَلَيْهِ فهو ناظر إِلَى قوله، وأخبر جَلَّ وَعَلا أنه ما يلقى الأَعْمَال الصَّالِحَة وجزاءها والحظوظ عَلَيْهَا إلا الصابرون فقَالَ عَنْ ما قَالَهُ أهل العلم والإيمان {وَيْلَكُمْ ثَوَابُ اللَّهِ خَيْرٌ لِّمَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً وَلَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الصَّابِرُونَ} . وأخبر جَلَّ وَعَلا أنه ما يلقى الخصلة التِي هِيَ دفع السئة بالحسُنَّة إلا الَّذِينَ صبروا فقَالَ {وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا} الآية.
والصبر أنواع صبر على طاعة الله بالمحافظة عَلَيْهَا دومًا وبرعايتها