فمن ابتلاه الله بنقص فِي ماله أَوْ منعه شَيئًا من شهوات الدُّنْيَا ولذاتها الفانية وعجز عَنْ تحصيله بالوسائل المشروعة أَوْ قبض لَهُ نفسًا أَبًا أَوْ أَخًا أَوْ أُمًا أَوْ ولد أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ أَوْ خاف من عدو فإنه لا دواء لَهُ إلا الصبر على ما أصابه.
فإذا صبر المبتلى وعمل بقول ربه عَزَّ وَجَلَّ فقَدْ هانت عَلَيْهِ البلوى وضاع أثرها فاستراح من عذابها فِي الدُّنْيَا وفاز بالآخِرَة بالجزاء الحسن، فالفقير الَّذِي لا يذهب بلبه متاع الحياة وزينتها ولا يحزنه ما لا يستطيع الوصول إليه من المتاع الفاني سائر على ضوء إرشادات القرآن الكريم، مثل قوله تَعَالَى:{وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجاً مِّنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَى} . وقوله:{قُلْ مَتَاعُ الدَّنْيَا قَلِيلٌ} بل مطمئن إِلَى ما قدره الله لَهُ فِي هَذِهِ الحياة من تعب ونصب، ويرضى بما قسم لَهُ فلا يسخط، ولا يفعل محرمًا فإنه لا بد أن يجعل الله لَهُ من أمره فرجًا فِي حَيَاتهُ الدُّنْيَا كما قَالَ تَعَالَى {وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجاً * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ} وإذا اشتهت نَفْسهُ شَيْئًا وعدها بالْخَيْر وصبرها ومشى أموره عَلَى قَدْرِ حاله، ولا يكلف نَفْسهُ بالدين والقرض، قَالَ الله تَعَالَى {فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً * إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً} . وقَالَ بَعْضهمْ: