للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا إله إلا الله، وكَانَ فيه من الشرك الخفي بحسب ما كره مِمَّا أحبه الله، وما أحبه مِمَّا يكره الله قَالَ الله تَعَالَى {ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اتَّبَعُوا مَا أَسْخَطَ اللَّهَ وَكَرِهُوا رِضْوَانَهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ} ، وقَالَ الحسن: اعْلَمْ إِنَّكَ لن تحب الله حَتَّى تحب طاعته. وقَالَ بَعْضهمْ: كُلّ من ادعى محبة الله ولم يوافق الله فِي أمره فدعواه باطلة. وقَالَ يحيى بن معاذ: لَيْسَ بصادق من ادعى محبة الله ولم يحفظ حدوده، وقَالَ رويم: المحبة الموافقة فِي جميع الأَحْوَال. وأنشد يَقُولُ:

وَلَوْ قُلْتَ لِي مُتْ مُتُّ سَمْعًا وَطَاعَةً ... وقُلْتُ لِدَاعِي الْمَوْت أَهْلاً وَمَرْحَبَا

خَصَائِصُ مَنْ تُشَاوِرُهُ ثَلاثٌ ... فَخُذْهَا مِنْ كَلامِي بِالْحَقِيقَةْ

وِدَادٌ خَالِصٌ وَوُفُورُ عَقْلٍ ... وَمَعْرِفَةٌ بِحَالِكَ بِالْحَقِيقَةْ

فَمَنْ تَمَّتْ لَهُ هَذِي الْمَعَانِي ... فَتَابِعْ رَأْيَهُ وِفْقَ الشَّرِيعَةْ

وَإِنْ خَالَفَ كَلامَ اللهِ أَوْ ... كَلام الْمُصْطَفَى فَاحْذَرْ تُطِيع

ويشهد لهَذَا المعنى قول تَعَالَى {قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللهُ} وقَالَ الحسن: قَالَ أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إِنَّا نحب ربنا شَدِيدًا، فأحب الله أن يجعل لحبه علامة فأَنْزَلَ هَذِهِ الآيَة.

وَمِنْ هُنَا يعلم أنه لا تتم شهادة أن لا إله إلا الله الا بشهادة أن محمدًا رسول الله، فإذا علم أنه لا تتم محبة الله الا بمحبة ما يحبه وكراهة ما يكرهه، فلا طَرِيق إِلَى معرفة ما يحبه ويكرهه، إلا بإتباع ما أمر به واجتناب ما نهى عَنْهُ، فصَارَت محبته مستلزمة لمحبة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وتصديقه ومتابعته.

أَخْلِصْ لِمَنْ خَلَقَ الأَشْيَاءِ مِنْ عَدَمٍ ... وَاتْبَعْ رَسُولَ الْهُدَى فِيمَا أَتَاكَ بِهِ

ولهَذَا قرن الله محبته ومحبة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فِي قوله تَعَالَى {قُلْ إِن كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَآؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ} .

<<  <  ج: ص:  >  >>