مَرَّ بِِهِمْ الثَّالِثَةَ فَغَمَزُوهُ بِمِثْلِهَا فَقَالَ: «أَتَسْمَعُونَ يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ، أَمَا وَالذَّي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَقَدْ جِئْتُكُمْ بَالذَّبْحِ» . فَأَخَذَتِ الْقَوْمَ كَلِمَتُهُ، حَتَّى مَا مِنْهُمْ رَجُل ٌإِلا كَانَ عَلَى رَأْسِهِ طَائِرٌ وَاقِعٌ حَتَّى إِنَّ أَشَدَّهُمْ فِيهِ وَضَاءَة قَبْلَ ذَلِكَ لَيَرْفَؤُهُ بِأَحْسَنِ مَا يَجِدُ مِنَ الْقَوْلِ حَتَّى لَيَقُولُ: انْصَرَفْ يَا أَبَا الْقَاسِمِ، انْصَرِفْ رَاشِدًا فَوَاللهِ مَا كُنْتَ جَهُولاً.
فَانْصَرَفَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - حَتَّى إِذَا كَانَ الْغَدِّ اجْتَمَعُوا فِي الْحِجْرِ وَأَنَا مَعَهُمْ، فَقَالَ بَعْضهُمْ لِبَعْضِ: ذَكَرْتُمْ مَا بَلَغَ مِنْكُمْ وَمَا بَلَغَكُمْ عَنْهُ حَتَّى إِذَا بَادَاكُمْ بِمَا تَكْرَهُونَ تَرَكْتُمُوهُ، فَبَيْنَمَا هُمْ فِي ذَلِكَ إِذَا طَلَعَ عَلَيْهمْ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فَوَثَبُوا عَلَيْهِ وَثْبَةَ رَجُلٍ وَاحِدٍ فَأَطَافُوا بِهِ يَقُولُونَ: أَنْتَ الَّذِي تَقُولُ كَذَا وَكَذَا لِمَا كَانَ يَبْلُغُهُمِ مِنْ عَيْبِ آلِهَتِهِمْ وَدِينِهِمْ. قَالَ فَيَقُولُ رَسُول اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: «نَعَم أَنَا الّذِي أَقُولُ ذَلِكَ» . قَالَ: فَلَقَدْ رَأَيْتُ رَجُلاً مِنْهُمْ أَخَذَ بِمَجْمَعِ رِدَائِهِ، وَقَامَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ دُونَهُ يَقُولُ وَهُوَ يَبْكِي: أَتَقْتُلُونَ رَجُلاً أَنْ يَقُولُ رَبِيَ اللهُ. ثُمَّ انْصَرَفُوا عَنْهُ فَإِنَّ ذَلِكَ لأَشَدَّ مَا رَأَيْتُ قُرِيْشًا بَلَغَتْ مِنْهُ قَطُّ.
وَأَخْرَجَ أَبُو يَعَلَى عَنْ أَنَسِ بن مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: لَقَدْ ضَرَبُوا رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - مَرَّةً حَتَّى غُشِيَ عَلَيْهِ، فَقَامَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فَجَعَلَ يُنَادِي: وَيْلَكُمْ أَتَقْتُلُونَ رَجُلاً أَنْ يَقُولُ رَبِّيَ الله. فَقَالُوا: مَنْ هَذَا؟ فَقَالُوا: أَبُو بَكْرٍ الْمَجْنُونُ.
وَفِي الْحَدِيثِ الَّذِي أَخْرَجَهُ أَبُو يَعْلَى عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتَ أَبِي بَكْرٍ أَنَّ الْمُشْرِكِينَ لَهُوا بِأَبِي بَكْرٍ عَنْ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - وَأَقْبَلُوا عَلَيْهِ. قَالَتْ: فَرَجَعَ إِلَيْنَا أَبُو بَكْرٍ فَجَعَلَ لا يَمَسُ شَيْئًا مِنْ غَدَائِرِهِ - أَيْ جَدَائِلِهِ إِلا جَاءَ مَعَهُ، وَهُوَ يَقُولُ: تَبَارَكْتَ يَا ذَا الْجَلالِ وَالإِكْرَامِ.
وَأَخْرَجَ الْبَزَارُ فِي مُسْنَدِهِ عَنْ مُحَمَّد بِنْ عُقَيْلٍ عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute