ولِذَلِكَ فَزِعَ إِليه يُونُسُ فنجَّاه الله مِن تِلكَ الظُلماتِ وفَزِعَ إِليهِ أَتْبَاعُ الرُسُل فنجَو به مِمَّا عَذَّبَ بِِهِ المشركون في الدنيا وما أَعَدَّ لَهُمْ في الآخِرة.
ولما فَزِعَ إِليه فِرْعون عندَ مُعَايَنة الهَلاك وإدْرَاكِ الغَرقِ لَهُ لَمْ يَنْفَعْهُ.
لأِنَّ الإِيمانَ عِنْدَ المعاينة لا يُقْبَل هذه سنة الله في عِبادِهِ.
فما دُفِعَتْ شَدَائِدُ الدنيا بِمِثْلِ التَّوْحِيدْ.
ولذلِكَ كَان دُعَاء الكَرْبِ التوحيد ودعوة ذي النون التي ما دعا بها مكروب إلا فَرَّج اللهُ كَرْبَهُ بالتوحيد.
فلا يُلْقِي في الكرَبِ العَظائم إلا الشِّرك.
ولا يُنْجِي منها إلا التوحيد.
فهو مَفْزعُ الخَلِيقَةِ ومَلْجَؤهَا وحِصْنُها وغِيَاثُها.
شِعْرًا: ... عَلَيْكَ بِتَوحِيدِ الإِله فَإِنَّهُ ... نَجَاةٌ فَلا تُهْمِلْ كَلامي وَخُذْ بِهِ
شِعْرًا:
أذَلّ الحَرْصُ والطّمَعُ الرِّقابَا ... وقَد يَعْفو الكَريمُ إذا اسْتَرَابًا
إذا أتَّضَحَ الصّوابُ فلا تَدَعْهُ ... فإِنّكَ قَلّمَا ذُقتَ الصَّوابًا
وَجَدْتَ لَهُ على اللَّهَواتِ بَرْدًا ... كَبَرْدِ الماءِ حِينَ صَفَا وطابًا
ولَيس بحاكِمٍ مَنْ لا يُبَالي ... أأخطَأ في الحُكُومَةِ أَمْ أصابًا
وإن لِكُلِّ تَلْخِصٍ لَوجْهًا ... وإنَّ لِكُلّ ذِي عَمَلٍ حِسَابًا
وإنَّ لِكُلِّ مُطّلَع لَحَدا ... وإنَّ لِكُلّ ذِي أجَلٍ كِتابًا
وكُلُّ سَلامَةٍ تَعِدُ المنَايَا ... وكُلُّ عِمارَةٍ تَعِدُ الخَرابًا
وكُلُّ مُمَلَّكٍ سَيَصِيرُ يَوْمًا ... وما مَلَكَتْ يَدَاهُ مَعًا تُرابًا
أَبَتْ طَرَفَاتُ كُلِّ قَريرِ عَين ... بها إلا اضْطِرابًا وانْقِلابًا
كَأَنَّ مَحَاسِنَ الدّنْيا سَرابٌ ... وأيُّ يَدٍ تَنَاوَلتِ السرَّابًا
وإنْ يَكْ مُنْيَةٌ عَجِلَتْ بِشَيءٍ ... تُسَرُّ به فإِنَّ لَهَا السَّرابًا
فَيا عَجَبًا تَمُوتُ، وأَنتَ تَبْني ... وتَتَّخِذ المَصَانِعَ والقِبابًا