الْحَاجَاتِ وَمُجِيب الدّعَواتِ هَبْ لَنَا مَا سَأَلْنَاهُ وَحَقِّقْ رَجَاءَنَا فِيمَا تَمَنَّيْنَاهُ يَا مِنْ يَمْلِكُ حَوائِجَ السَّائِلين وَيَعْلَمُ مَا فِي ضَمَائِر الصَّامِتِينَ أَذِقْنَا بِرْدَ عَفْوِكَ وَحَلاوَةَ مَغْفِرَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمينَ، وَصَلَّى اللهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ.
فَصْلٌ وَمِنُ فَوَائِد الذِّكْر أَيْضًا مَا ذَكَرَهُ ابنُ القَيِّم رَحِمَهُ اللهَ:
أَنَّ دُورَ الْجَنَّةِ تُبْنَى بالذِّكْرِ، فَإِذَا أَمْسَكَ الذَّاكِرُ عَنْ الذِّكْرِ أَمْسَكت الملائِكَةُ عن البنَاء، وَأنَّ الذِكْرَ سَدٌّ بَيْنَ الْعَبْدِ وَبَيْنَ جَهَنَّمَ فَإِذَا كَانَتْ لَهُ إلى جَهَنَّمَ طريقُ عَمَلٍ مِن الأَعْمَالِ، كان الذِكْرُ سَدًّا في تِلْكَ الطريقِ، وَأَنَّ الملائِكَةِ تَسْتَغْفِر لِلذَّاكِر كَمَا تَسْتَغْفِرُ لِلتَّائِبِ، وَأَنَّ الْجِبَالَ والقِفَارَ تَتَبَاهَى وَتَسْتَبْشَرُ بِمَنْ يَذْكُر اللهَ عَزَّ وَجَلَّ عَلَيْهَا، وَأَنَّ كَثْرَةَ ذِكْرَ الله عَزَّ وَجَلَّ أمانٌ مِنْ النِّفَاقِ، فإنّ الْمُنَافِقِينَ قَلِيلُوا الذِّكْرِ للهِ عَزَّ وَجَلَّ.
قَالَ تَبَارَكَ وَتَعَالى في الْمُنَافِقِينَ: {وَلاَ يَذْكُرُونَ اللهَ إِلاَّ قَلِيلاً} وَأَنَّ للذكْرَ مِنْ بَيْنَ الأعمَال لَذَّةً لا يُشْبِهُهَا شَيْءٌ فَلَوْ لَمْ يَكُنْ لِلعَبْدِ مِنْ ثَوَابِهِ إلا اللَذَّةِ الْحَاصِلَةِ لِلذَّاكِرَ وَأَنَّهُ يَكْسُو الوجْه نَضْرَةً في الدُّنْيَا وَنُورًا في الآخِرَةِ وَأَنْ في دَاوَمَ الذِّكْرِ في الطَّرِيق والبيتِ والْحَضَرِ وَالسَّفَرِ وَالبِقَاعِ تَكْثِيرًا لِشُهُودِ العَبْدِ يومَ القِيَامَةِ فَإِنَّ البُقْعَةَ وَالدَّارَ وَالْجَبَل والأَرْضَ تَشْهَدُ للذَّاكرِ يَوْمَ القيامَة. وَإِنّ الذِّكْرَ يُعْطِي الذَّاكِرَ قُوةً حَتَّى أَنَّهُ لِيفَعَلُ مَعْ الذكْرِ مَا لَمْ يَظنَّ فِعْلَهُ بِدونِهِ قالَ: وَقَدْ شَاهَدتُ من قُوَّةِ شَيْخ الإِسْلامِ ابنِ تَيْمِيَّةَ في سُنَنِه وَكَلامِهِ وَإِقْدَامِهِ وَكِتَابَتَه أمْرًا عَجِيبًا فَكَانَ يَكْتُبُ في اليومِ مِنْ التَّصْنِيفِ ما يَكْتُبُه النَّاسِخُ في جُمْعَةٍ وَأَكْثَرْ.
ما دُمْتَ تَقْدِرْ فأكْثِرْ ذِكْرِ خَالِقِنَا ... وَأَدِّ وَاجِبَهُ نَحْوَ العِبَادَاتِ
فَسْوَفَ تَنْدَمُ إِنْ فَرطَّتَ في زَمنٍ ... مَا فِيهِ ذِكْرٌ لِخَلاقِ السَّمَاوَاتِ
وَقَدْ عَلَّمَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - ابْنَتَهُ فاطمةَ وعليًّا - رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا - أن يُسَبِّحَا كلّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute