للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْعَرَقِ فِي يَوْمِ شَاتٍ.

فَلَمَّا سُرِّيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَضْحَكُ فَكَانَ أَوَّلُ كَلِمَةٍ تَكَلَّمَ بِهَا أَنْ قَالَ لِي: ((يَا عَائِشَةُ احْمِدِي اللهَ فَقَدْ بَرَّأَكِ اللهُ)) . فَقَالَتْ لِي أُمِّي قُومِي إِلى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْتُ: لا وَاللهِ لا أَقُومُ إِلَيْهِ وَلا أَحْمَدُ إِلا اللهَ.

فَأَنْزَلَ اللهُ تَعَالى: {إِنَّ الَّذِينَ جَاؤُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِّنكُمْ} الآيَاتِ فَفِي هَذِهِ الْقِصَّةِ عَلَمٌ مِنْ أَعْلامِ نُبُوَّتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِمَنْ تَدَبَّرَهُ وَتَفَهَّمَهُ فَقَدْ كَانَ مَوْقِفُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ عَائِشَةَ بَعْدَ إشَاعَةِ الْفِرْيَةِ وَالْبُهْتَانِ مَوْقِفَ التَّرَدُدِ وَالْحَيْرَةِ.

ثُمَّ تَحَوَّلَ بَعْدَ الْوَحْي فُجْاءَةً إِلى مَوْقِفِ الثِّقَةِ وَالاطْمِئْنَانِ وَهَذَا التَّحَوُلُ لا يُمْكِنُهُ أَنْ يَكُونَ لَوْ لَمْ يَكُنْ وَاثِقاً بِبَرَائَتِهَا بِإِخْبَارٍ مِن الْعَلِيمِ الْخَبِيرِ جَلَّ وَعَلا وَتَنَزَهَ وَتَقَدَّسَ.

١٥٩- وَمِنْ ذَلِكَ تَحَدِّي الْيَهُودَ فِي تَمَنِّي الْمَوْتَ مَرَّتَيْن فَقَالَ: {قُلْ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ هَادُوا إِن زَعَمْتُمْ أَنَّكُمْ أَوْلِيَاء لِلَّهِ مِن دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ * وَلَا يَتَمَنَّوْنَهُ أَبَداً بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ} .

وَوَجْهُ الدَّلالةِ أَنَّهُ طَلَبَ مِن الْيَهُودِ أَنْ يَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ ثُمَّ أَخْبَرَ أَنَّهُمْ لَنْ يَتَمَنَّوْهُ أَبَداً فَمَا تَمَنَّاهُ أَحَدٌ مِنْهُمْ مَعَ حِرْصِهِمْ عَلَى تَكْذِيبِ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمُعَارَضَتِهِمْ لَهُ وَكَيْدِهِمْ لَهُ فَقَامَ ذَلِكَ دَلِيلاً صَادِقاً عَلَى نِبُوَّتِهِ وَمُعْجِزَة عَظِيمَة.

اللَّهُمَّ اعْصِمْنَا وَارْحَمْنَا عَنِ الرُّكُونِ إِلى عِدَاكَ وَارْزُقْنَا بُغْضَهُمْ وَأَعْوَانَهُمْ وَوَفِّقْنَا لِمَحَبَّتِكَ وَمَحَبَّةِ رُسُلِكَ وَأَوْلِيَائِكَ وَاجْعَلْنَا هُدَاةً مُهْتَدِينَ

<<  <  ج: ص:  >  >>