الظَّاهِرَ أَنَّ مَنْ طَلَّقَ ثَلاثاً رَأَى الصَّلاحَ فِي الْفِرَاقِ وَعَلَّقَ الشَّرْعُ حِلَّ الْمُطَلَقةِ ثَلاثاً بِالتَّزْوِيجِ بِزَوْجٍ آخَرَ وَالدُّخُولِ بِهَا لِيَصِيرَ هَذَا الشَّرْطُ مَانِعاً لَهُ مِنْ الْعَوْدِ إِلَيْهَا وَيَثْبُتَ عَلَى رَأَيٍ مِنْ الصَّلاحِ فِي مُفَارَقَتِهَا، وَمِنْ الْمَحَاسِنِ أَنَّهُ لَمْ يَحْكُمْ بِحُرْمَتِهَا عَلَى وَجْهٍ لا رُجُوعَ فِيهِ أَصْلاً، فَإِنَّهُ رُبَّمَا لا يَصْبِرُ عَنْهَا فَيَهْلِكُ فِي ذَلِكَ فَالشَّرْعُ جَعَلَ لِلْوُصُولِ إِلَيْهِ سَبِيلاً لَكِن بَعْدَمَا يَذُوقُ الآخَرُ عُسَيْلَتَهَا، وَتَذُوقُ عُسَيْلَتَهُ، وَلا يَجُوزُ عَنْ طَرِيقِ التَّحْلِيلِ لِحَدِيثِ: «لَعَنَ اللهُ الْمُحَلِلَ وَالْمُحَلَلَ لَهُ» . وَمِنْ مَحَاسِنِ الطَّلاقِ أَنْ يَكُونَ فِي طُهْرٍ لَمْ يُجَامِعْهَا فِيهِ هَذَا هُوَ السُّنةُ، فَإِنَّهُ إِذَا قَضَى وَطَرُهُ مِنْهَا انْتَقَصَ مَيْلُه إِلَيْهَا طَبْعاً فَيُبَادِرُ إِلى مُفَارَقَتِهَا بِقَلِيلِ دَاعِيَةٍ وَيَسِير أَذِيَّةٍ فَإِنَّ الْمَرْءَ إِذَا شَبَعَ مِنْ شَيْءٍ سَقَطَ مِنْ عَيْنِهِ، وَهَانَ عَلَيْهِ، وَإِذَا جَاعَ قَوِيَ ذَلِكَ فِي قَلْبِهِ فَلا يَحْصُلُ الطَّلاقُ عَنْ رَوِيَّةٍ، وَرُبَّمَا يَنْدَمُ عَلَى ذَلِكَ فَيَحْتَاجُ إِلى نَقْضِ الطَّلاقِ، فَكَانَ الطَّلاقُ الْحَسَنُ الْمَسنُونُ، أَنْ يُطَلِّقَهَا فِي طُهْرٍ لَمْ يُجَامِعْهَا فِيهِ، فَإِنَّ هَذِهِ الْحَالُ حَالَةُ كَمَالِ الرَّغْبَةِ وَتَمَامِ الْمَيْلِ، فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لا يُقْدِمُ عَلَى الطَّلاقِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ إِلا لِحَاجَةٍ دَاعِيَةٍ فَرُخِّصَ لَهُ فِي الطَّلاقِ.
١٨- وَمِنْ مَحَاسِنِهِ أَنْ جَعَلَ هَزْلَهُ جِدّاً قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «ثَلاثٌ جِدُّهنَّ جِدٌّ، وَهَزْلُهنَّ جِدٌّ، الطَّلاقُ، وَالْعِتَاقُ، وَالنِّكَاحُ)) . فَإِذَا عَرَفَ الإنْسَانُ أَنَّهُ بِمُجَرَّدِ تَلَفُظِهِ بِهِ، وَلَوْ مَازِحاً يَقَعُ، امْتَنَعَ بإِذْنِ اللهِ إِذَا كَانَ عَاقِلاً.
١٩- وَمِنْ مَحَاسِنِ الْقِصَاصِ، وَفَرْضِ الْعُقُوبَاتِ، زَجْرُ النُّفُوسِ الْبَاغِيَةِ، وَرَدْعُ الْقُلُوبِ الْقَاسِيَةِ، الْخَالِيَةِ مِنَ الرَّحْمَةِ وَالشَّفَقَةِ وَمِنْ مَحَاسِنِه تَأْدِيبُ الْجَمَاعَاتِ الطَّاغِيَةِ فَحَكَمَ بِقَتْلِ الْقَاتِلِ، وَأَمَرَ بِقَطْعِ يَدِ السَّارِقِ، لِيَحْقِنَ الدِّمَاءَ قَالَ تَعَالى: {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ} الآيَةُ، وَالْقَطْعُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute