قَالَ: ذَكَرْتُمْ يَزِيدَ بنَ المُهَلَّبِ أَمَّا إِنَّهُ قُتِلَ فِي أَوَّلِ أَرْضٍ عُبِدَ فِيهَا غَيْرُ اللهِ، قَالَ: ثُمَّ ذَكَرُوا رَجُلاً مُسْلِمًا، وَكَانَ مُحَبَّبًا فِي قَوْمِهِ، فَلَمَّا مَاتَ اعْتَكَفُوا حَوْلَ قَبْرِهِ فِي أَرْضِ بَابِلَ، وَجَزِعُوا عَلَيْهِ فَلَمَّا رَأَى إِبْلِيسُ جَزَعَهُم عَلَيْهِ تَشَبَّهَ فِي صُورَةِ إِنْسَانَ ثُمَّ قَالَ: إِنِّي أَرَى جَزَعَكُمْ عَلَى هَذَا الرَّجُلِ، فَهَلْ لَكُمْ أَنْ أُصَوِّرَ لَكُمِ مِثْلَهُ فَيكونُ في نَادِيكُم فَتَذْكُرُونَهُ؟ قَالُوا: نَعَمْ، فَصَوَّرَ لَهُم مِثْلَهُ، قَالَ: وَوَضَعُوهُ فِي نَادِيهِمْ، وَجَعَلُوا يَذْكُرُونَهْ.
فَلَمَّا رَأَى مَا بِهِمْ مِنْ ذِكْرِهِ، قَالَ لَهُمْ: هَلْ لَكُمْ أَنْ أَجْعَلَ فِي مَنْزِلِ كُلَّ رَجُلٍ مِنْكُمْ تِمْثَالاً فَيَكُونَ فِي بَيْتِهِ فَتَذْكُرُونَهُ؟ قَالُوا: نَعَمْ، قَالَ: فَمَثِّل لِكُلِّ أَهْلِ بَيْتٍ تِمْثَالاً مِثْلهْ، فَأَقْبَلُوا فَجَعَلُوا يَذْكُرُونَهُ بِهِ، قَالَ: وَأَدْرَكَ أَبْنَاؤُهُمْ، فَجَعَلُوا يَرَوْنَ مَا يَصْنَعُونَ بِهِ، قَالَ: وَتَنَاسَلُوا وَدَرَسَ أَمْرُ ذِكْرِهِمْ إِيَّاهْ، حَتَّى اتَّخَذُوهُ إِلَهًا يَعْبُدُونَهُ مِنْ دُونِ اللهِ، وَأْولادُهُمْ، كَانَ أَوَّلَ مَا عُبِدَ مِنْ دُونِ اللهِ وُدّ الصَّنَمُ الذِي سَمُّوهُ وَدَّا. أ. هـ.
وَعَنْ هَذَا انْتَشَرَتْ الوَثَنِيَّة، وَاسْتَفْحَلَ أَمْرُهَا فِي كُلِّ زَمَانِ وَمَكَانْ، وَفِي هَذَا التَّصْويرِ مَعْنَىً فِي غَايَةِ القُبْحِ وَالبَشَاعَةْ، وَهُوَ التَّشَبُّهِ بِالخَالِقِ الحَكِيمِ، فَإِنَّ المُصَوِّرَ بِيَدِهِ أَوْ بِآلَة يَرْسِمُ الصُّورَةَ رَسْمًا يُشْبِهُ الحَقِيقَةَ وَلِذَا يُقَالُ لِلْمُصَوِّرِينَ يَوْمَ القِيَامَةْ: «أَحْيُوا مَا خَلَقْتُم» ، وَيُكَلِّفَ أَنْ يَنْفُخَ فِي الصُّورَةِ الرُّوحِ وَلَيْسَ بِنَافِخٍ أَبَدًا، فَيْسَتَمِرُّ العَذَابْ نَسْأَلُ اللهَ العافية.
فَصْلٌ: وَإليك الأَدِلَّةُ الدَّالَةُ عَلَى تَحْرِيمِ التَّصْوِيرِ، وَمَشْرُوعِيَّةِ طَمْسِ الصُّوَرِ، سَوَاءً كَانَ مُجَسَّدَةً أَوْ غَيْرَ مُجَسَّدَةْ وَفِي عَمَلِهَا الوَعِيدُ الشَّدِيدُ لِلْمُصَوِّرِينَ، وَالإِخْبَارُ بِأنَّ المَلائِكَةَ لا تَدْخُلُ بَيْتًا فِيهِ صُورَةَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute