فهَذَا طرف من مداخل الشيطان وعلاج هذه الأفات سد المداخل بتطهير الْقَلْب من الصفات المذمومة، وسيأتي الكلام عَلَى هذه الصفات إن شَاءَ الله تعالى مفصلاً.
وإِذَا قلعت عن الْقَلْب أصول هذه الصفات، بقي للشيطان بالْقَلْب خطرات واجتيازات من غَيْر استقرار فيمنعه من ذَلِكَ ذكر الله تعالى، وعمارة الْقَلْب بالتقوي. ومثل الشيطان كمثل كلب جائع يقرب منك، فإن لم يكن بين يديك لحم وخبز، فإنه ينزجر بأن تَقُول لَهُ: اخسأ، وإن كَانَ بين يديك شَيْء من ذَلِكَ وَهُوَ جائع، لم يندفع عنكَ بمجرد الكلام، فكَذَلِكَ الْقَلْب الخالي عن قوت الشيطان ينزجر عنهُ بمجرد الذكر. فأما الْقَلْب الَّذِي غلب عَلَيْهِ الهَوَى فإنه يرفع الذكر إلي حواشيه فلا يتمكن الذكر من سويدائه، فيستقر الشيطان فِي السويداء. وإِذَا أردت مصداق ذَلِكَ، فتأمل فِي صلاتك، وانظر إلي الشيطان كيف يحدث قلبك فِي مثل ذَلِكَ الموطن، بذكر السوق، وحساب العالمين، وتدبير أمر الدُّنْيَا واعْلم أنه قَدْ عفِي عن حديث النفس ويدخل فِي ذَلِكَ ما هممت به، ومن ترك ذَلِكَ خوفاً من الله تعالى كتبت لَهُ حسنة، وإن تركه لعائق رجونا لَهُ المسامحة، إلا أن يكون عزماً، فإن العزم عَلَى الخطيئة خطيئة بدَلِيل قوله ?:" إِذَا التقي المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول فِي النار، قيل: ما بال المقتول؟ قال: إنه كَانَ حريصاً عَلَى قتل صاحبه ".
وكيف لا تقع المؤاخذة بالعزم، والأعمال بالنِّيْة، وهل الكبر والرياء إلا أمور باطنة؟ ولَوْ أن إنسانَاً رأي عَلَى فراشه أجنبية ظنها زوجته لم يأثم بوطئها، ولَوْ رأي زوجته وظنها أجنبية أثم بوطئها، وكل هذ معلق بعقَدْ القلب.