المهم أنه مع ذلك لا تجده مستدركا لما فرط فيه ولا لما أهمله وما ذاك إلا أنهم لم يشتغلوا بالتفتيش والتفقد لأنفسهم التي خدعتهم ولم يحلفوا بمجاهدة أهوائهم التي استرقتهم وملكتهم.
ولو اشتغلوا في تصليح ذلك لكان لهم فيه أعظم شغلٍ ولم يجدوا فسحًة واسعًة لشيء من النوافل.
قال بعض العلماء من كانت النوافل والفضائل أهم إليه من أداء الفرائض فهو مخدوع.
وقال آخر: هلاك الناس في اثنين اشتغال بنافلة وتضييع فريضة.
وعمل بالجوارح بلا مواطاة القلب وإنما حرموا الوصول بتضييع الأصول.
وقال آخر:«انقطع الخلق عن الله بخصلتين إحداهما أنهم طلبوا النوافل وضيعوا الفرائض» .
والثانية «أنهم عملوا أعمالاً بالظاهرة ولم يأخذوا أنفسهم بالصدق فيها والنصح لها ولا يقبل العمل إلا بالصدق وإصابة الحق» .
وقال آخر: أفضل شيء للعبد معرفته بنفسه ووقوفه على حده وإحكامه لحالته التي أقيم فيها وابتداؤه بالعمل بما افترض الله عليه واجتنابه لما نهى الله عنه بعلم يرشده في جميع ذلك.
وقال آخر: أنعم الله عليك فيما أمرك به من الطاعات المؤقتة بالأوقات بنعمتين عظيمتين.
إحداهما تقيدها لك بأعيان الأوقات لتوقعها فيها فتفوز بثوابها ولولا التوقيت لسوفت بها ولم تعمل بها حتى تفوت فيفوتك ثوابها.
والنعمة الثانية توسيع أوقاتها عليك ليبقى لك نصيب من الاختيار حتى تأتى الطاعات في حال سكون وتمهل من غير حرج ولا ضيق.
اللهم ثبت وقو محبتك في قلوبنا واشرح صدورنا ونورها بنور الإيمان واجعلنا هداة معتدين وألهمنا ذكرك وشكرك واجعلنا ممن يفوز بالنظر إلى