للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المقنطرة من الذهب والفضة والأراضي والملايين البلايين مما ذكر.

ومن لا يملك منها إلا ثوبه فقط يستويان في أن كلا منهما كأنه لم ير هذا الوجود ولكنهما يختلفان اختلافًا عظيمًا في برزخهما وفي آخرتهما، ومن الدواء النافع لمن أصيب بمرض حب الدنيا أن ينظر بعينه إلى من في المستشفيات من المرضى الذين تنوعت أمراضهم وبود أحدهم لو ملك الدنيا وبذله لمن يشفيه من مرضه أو يخففه عنه.

شِعْرًا: ... مَنْ عَاشَ لَمْ يَخْل مِنْ هَمٍّ وَمِنْ حَزَنٍ ... بَيْنَ الْمَصَائِبِ مِنْ دُنْيَاهُ وَالْمِحَنِ

وَإِنَّمَا نَحْنُ فِي الدُّنْيَا عَلَى سَفَرٍ ... فَرَاحِلٌ خَلَّفَ الْبَاقِي عَلَى الظَّعَنِ

وَكُلُّنَا بِالرَّدَى وَالْمَوْت مُرْتَهَنٌ ... فَمَا نَرَى فِيهِمِا فَكًا لَمُرْتَهَنِ

آخر: ... وَقُلْ غنَاءٌ عَنْكَ مَالاً جَمَعْتَهُ ... إِذَا كَانَ مِيرَاثًا وَوَارَاكَ لاحِدُ

وكذلك ينظر إلى الموتى الذين يموتون كل يوم في المستشفيات وغيرها من مثله في السن وأقل وأكبر وينظر إلى الذين يموتون حوله من أبنائه وإخوانه وأحبابه وجيرانه ومن تقع عليهم عينه قائلاً لنفسه أي فرق بينك وبين هؤلاء فإذا أذعنت واعترفت أنه لا فرق بادرها بقوله إذا ستكونين مثلهم.

فمع تكرار هذا تتبدل حاله بإذن الله وتهون عليه الدنيا ويسهل عليه إخراج الأعمال الخيرية مهما كثرت إن هذا المنظر تنصدع له القلوب انصداعًا لا تهون بها الدنيا فقط ولذلك كان بعض السلف إذا شيع جنازة رجع لا يعي وربما مكث أيامًا مريضًا من هذا الهول الذي نزل به وأذهله حتى عن نفسه قال الشاعر:

وَلَمْ أَرَى كَالأَمْوَاتِ أَفْجَعَ مَنْظَرًا ... وَلا وَاعِظِي جُلاسَهُمْ كَالْمَقَابِرِ

وكيف لا يكون وهو يرى أحد إخوانه جثة هامدة في منتهي

<<  <  ج: ص:  >  >>