للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولما علم سبحانه أن آدم، وبنيه قد بلوا بهذا العدو، وأنه قد سلط عليهم أمدهم بعساكر، وجند يلقونه بها، وأمد عدوهم أيضًا بجند وعساكر يلقاهم بها وأقام سوق الجهاد في هذه الدار في مدة العمر التي هي بالإضافة إلى الآخرة كنفس واحد من أنفاسها.

واشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة يقاتلون في سبيل الله فيقتلون ويقتلون، وأخبر أن ذلك وعد مؤكد في أشرف كتبه وهي التوراة، والإنجيل، والقرآن، وأخبر أنه أوفى بعهده منه سبحانه.

ثم أمرهم أن يستبشروا بهذه الصفقة التي من أراد أن يعرف قدرها فلينظر إلى المشتري من هو، وإلى الثمن المبذول في هذه السلعة، وإلى من جرى على يديه هذا العقد، فأي فوز أعظم من هذا، وأي تجارة أربح منه.

ثم أكد سبحانه هذا بقوله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنجِيكُم مِّنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ * تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ * يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} .

ولم يسلط هذا العدو على عبده المؤمن الذي هو أحب أنواع المخلوقات إليه، إلا لأن الجهاد أحب شيء إليه وأهله أرفع الخلق عنده درجات وأقربهم إليه وسيلة.

<<  <  ج: ص:  >  >>