للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

وهذا قول ابن عباس (١) وابن عمر رضي الله عنهما، ومجاهد وطاوس وعطاء وغيرهم (٢)، ولأنهما ركعتان شرعتا للنسك، فأجزأت عنهما المكتوبة، كركعتي الإحرام (٣). وأما على القول بوجوبهما فإنه لا يجزئ عنهما غيرهما؛ لأن الفريضة لا تجزئ عن الواجب، فإذا صلى المكتوبة صلى ركعتي الطواف بعدها. وقد ذكر البخاري تعليقاً عن نافع أنه قال: (كان ابن عمر رضي الله عنهما يصلي لكل سبوعٍ ركعتين)، وقال إسماعيل بن أمية: قلت للزهري: إن عطاء يقول: تجزئه المكتوبة من ركعتي الطواف، فقال: السنة أفضل، لم يطف النبي صلّى الله عليه وسلّم أسبوعاً قط إلا صلى ركعتين (٤).

والقول بالإجزاء قوي، لكن الأفضل عدم الاقتصار على الفريضة؛ لأن ركعتي الطواف عبادة مستقلة شرعت من أجل الطواف فالأولى الإتيان بهما، ويؤيد ذلك عموم ما تقدم. قال الزركشي: (المنصوص عن أحمد الإجزاء، مع أن الأفضل عنده فعلهما) (٥).

الوجه الثاني عشر: قوله: (ثم رجع إلى الركن فاستلمه)، فيه دليل على مشروعية استلام الحجر الأسود، بعد ركعتي الطواف، وقبل السعي إن تيسر وإلا تركه، وظاهر ذلك أنه لا يسن تقبيله ولا الإشارة إليه.

الوجه الثالث عشر: قوله: (ثم خرج من الباب إلى الصفا) المراد بالباب: باب الصفا، كما ورد في رواية للطبراني: (ثم خرج من باب الصفا) (٦)، وهذا فيه مشروعية الخروج إلى الصفا من بابه، وكان المسجد الحرام في الزمن القديم له أبواب دون المسعى يخرج منها الناس، وأما الآن فيتجه إلى المسعى من جهة الصفا، وهذا فيه دليل على أنه ينبغي المبادرة بالسعي بعد الطواف، ولو أخَّر السعي فلا بأس، فإن الموالاة بين الطواف والسعي غير واجبة.


(١) "المجموع" (٨/ ٦٣).
(٢) "مصنف عبد الرزاق" (٥/ ٥٧ - ٥٩).
(٣) "المغني" (٥/ ٢٣٣).
(٤) "فتح الباري" (٣/ ٤٨٤)، "مصنف عبد الرزاق" (٥/ ٥٩).
(٥) "شرح الزركشي" (٣/ ٢٠٤).
(٦) انظر: "حجة النبي - صلى الله عليه وسلم -" للألباني ص (٦٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>