للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

وهما يقولان: ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم … ) الحديث (١).

وقد روى جابر رضي الله عنه: أنه صلّى الله عليه وسلّم قرأ: {وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلّىً} [البقرة: ١٢٥]، وفي رواية للنسائي: (ورفع صوته، يُسمع الناس) (٢)، فصلى ركعتين قرأ فيهما: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}، و {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ} (٣)، وفي رواية: {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ}، و {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} (٤).

وفي هذا دليل على أن السُّنَّة في ركعتي الطواف كونهما خلف المقام، فإن تيسر القرب منه فهو أفضل، فإن وجد زحاماً صلى بعيداً عن المقام، وتحصل السنة بذلك إذا جعله بينه وبين الكعبة، وإن صلاهما في أي مكان أجزأ.

والركعتان حكمهما الوجوب على قول أبي حنيفة، والشافعي في أحد قوليه، والمشهور من مذهب المالكية، ورواية عن أحمد (٥) لظاهر الأمر في قوله تعالى: {وَاتَّخِذُوا}، ولأن الرسول صلّى الله عليه وسلّم تلا الآية عند المقام.

والقول الثاني: أنهما سنة، وهو الأصح في مذهب أحمد، وقول مالك في إحدى الروايتين عنه، والأصح في مذهب الشافعي (٦)؛ لأن ما عدا الصلوات الخمس ليس بواجب، وإنما هي تَطَوُّع، كما في حديث طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه: أن أعرابياً قال: يَا رَسُولَ اللهِ، مَاذَا فَرَض الله عَلَى عِبَادِهِ مِنَ الصَّلاةِ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم: «خَمْسُ صَلَوَاتٍ فِي اليَومِ وَاللَّيلَةِ»، فَقَالَ: هَل عَلَيَّ غَيْرُهَا؟ قَالَ: «لا إِلا أَنْ تَطَّوَّعَ» (٧).

وعلى القول بأنهما سنّة، فإن صلَّى فريضة بعد الطواف أجزأت عنهما (٨).


(١) رواه البخاري (٣٣٦٤)، (٣٣٦٥).
(٢) "السنن" (٥/ ٢٣٥).
(٣) "صحيح مسلم" (١٢١٨).
(٤) "جامع الترمذي" (٨٦٩)، "سنن النسائي" (٥/ ٢٣٦)، "الفصل للوصل" (٢/ ٦٦٨).
(٥) "الهداية" (١/ ١٤١)، "بدائع الصنائع" (٢/ ١٤٨)، "المنتقى" (٢/ ٢٨٨).
(٦) "المغني" (٥/ ٢٣٢)، "المجموع" (٨/ ١٤)، "شرح الإيضاح" للنووي ص (٢٢٧، ٢٧٩).
(٧) أخرجه البخاري (٤٦)، ومسلم (١١).
(٨) انظر: "قواعد ابن رجب" (١/ ١٤٢، ١٥٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>