للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

الحجارة، قال الجوهري: (استلم الحجر: لمسه بالقُبلة أو باليد) (١). وقال ابن تيمية: (الاستلام: هو مسحه باليد) (٢)، والمراد بالركن: الحجر الأسود؛ لأنه المراد عند الإطلاق، وسمي ركناً؛ لأنه في ركن الكعبة.

فهذا فيه مشروعية استلام الحجر الأسود قبل بدء الطواف إن تيسر وإلا بدأ بالطواف وتركه.

الوجه العاشر: قوله: (فرمل ثلاثاً ومشى أربعاً) أي: طاف بالبيت فرمل ثلاثة أشواط ومشى الأربعة الباقية، وهذا الطواف هو طواف القدوم، والرمل - بالفتح ـ: الإسراع في المشي من غير مباعدة للخطوات ولا وثب.

وهذا فيه دليل على مشروعية الرَّمَلِ في الأشواط الثلاثة الأُول من طواف القدوم، وهو أول طواف يأتي به القادم إلى مكة، سواء أكان لحج أم لعمرة، وأما الأربعة الباقية فيمشي فيها.

فإن نسي الرمل لم يقضه في الأربعة الباقية، لئلا يغير هيئتها. فإن لم يستطع الرمل مع القرب؛ لقوة الزحام، فمن أهل العلم من قال: يخرج إلى حاشية المطاف؛ لأن المحافظة على فضيلة تتعلق بنفس العبادة أولى من المحافظة على فضيلة تتعلق بمكان العبادة أو زمانها، ومنهم من قال: يطوف قريباً على حسب حاله؛ لأن الرمل هيئة، فهو كالتجافي في الركوع والسجود، ولا يترك الصف الأول لأجل تعذرها، فكذا هنا (٣).

الوجه الحادي عشر: قوله: (ثم أتى مقام إبراهيم فصلى) وفي «صحيح مسلم»: (فجعل المقام بينه وبين البيت)، ومقام إبراهيم: حجر كان إبراهيم عليه السلام يقوم عليه وهو يبني الكعبة حين ارتفع البناء، وهذا هو الصواب من عدة أقوال، لما ورد عن ابن عباس رضي الله عنهما في قصة بناء إبراهيم عليه السلام البيت، وفيه: (فجعل إسماعيل يأتي بالحجارة، وإبراهيم يبني، حتى إذا ارتفع البناء جاء بهذا الحجر، فوضعه له، فقام عليه، وهو يبني وإسماعيل يناوله الحجارة،


(١) "الصحاح" (٣/ ٩١٤).
(٢) "الفتاوى" (٢٦/ ١٢١).
(٣) انظر: "شرح العمدة" لابن تيمية (٢/ ٤٤٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>