(وأولعو بالحك والتفرك ... وعصت الآباط أَمر المرتك)
(وَصَارَ ريحانهم كالقت ... فكلهم لكلهم ذُو مقت)
(وَبَعْضهمْ يمشي بِلَا رجلَيْنِ ... وَيَأْخُذ الكأس بِلَا يدين)
(وَبَعْضهمْ محمرةٌ عَيناهُ ... من السمُوم محرقٌ خداه)
(وَبَعْضهمْ عِنْد ارْتِفَاع الشَّمْس ... يحس جوعا مؤلما للنَّفس)
(فَإِن أسر مَا بِهِ تهوسا ... وَلم يطق فِي ضعفةٍ تنفسا)
(وَطَاف فِي أصداغه الصداع ... وَلم يكن بِمثلِهِ انْتِفَاع)
(وَكَثُرت حِدته وضجره ... وَصَارَ كالجمر يطير شرره)
(وهم بالعربدة الوحيه ... وَصرف الكاسات والتحيه)
(وَظَهَرت سبعيةٌ فِي خلقه ... وَمَات كل صاحبٍ من فرقه)
(وَإِن دَعَا الشقي بِالطَّعَامِ ... خيط جفنيه على الْمَنَام)
(وَكلما جَاءَت صلاةٌ واجبه ... فسا عَلَيْهَا فتولت هاربه)
(فكدر الْعَيْش بيومٍ أبلق ... أقطاره بلهوه لم تلتق)
(فَمن أدام للشقاء هَذَا ... من فعله والتذه التذاذا)
(لم يلف إِلَّا دنسٍ الأثواب ... مهوساً بهوس الْأَصْحَاب)
)
(يزْدَاد مهنواً وضنى وسقما ... وَلَا ترَاهُ الدَّهْر إِلَّا فدما)
(ذَا شاربٍ وظفرٍ طويلٍ ... ينغص الزَّاد على الأكيل)
(ومقلةٍ مبيضة المآقي ... وأذنٍ كحقة الدرياق)
(وجسدٍ عَلَيْهِ جلدٌ من وسخ ... كَأَنَّهُ شرب نفطاً أَو لطخ)
(تخال تَحت إبطه إِذا عرق ... لحية قاضٍ قد نجا من الْغَرق)
(وريقة كَمثل طوقٍ من أَدَم ... وَلَيْسَ من ترك السِّوَاك يحتشم)
(فِي صَدره من واكفٍ وقاطر ... كأثر الذرق على الكنادر)
(هَذَا وَمَا تركت أَكثر ... فجربوا مَا قلته وفكروا)
قلت إِنَّمَا أثبت هَذِه المزدوجة بِطُولِهَا لما فِيهَا من بَدَائِع التَّشْبِيه وغرائب الِاسْتِعَارَة وَقد عَارضه فِيهَا الشريف أَبُو الْحسن عَليّ بن الْحُسَيْن بن حيدرة الْعقيلِيّ وَعكس مَقْصُوده ومدح فِيهَا الصبوح وَلَكِن لَيست كهذه فتانة فَإِن هَذِه درةٌ يتيمة وَتلك مرْجَانَة وسوف تَأتي إِن