٣ - (سهل بن هَارُون)
سهل بن هَارُون بن الهيون بن راهيون الدستميساني أَبُو عَمْرو انْتقل إِلَى الْبَصْرَة واتصل بِخِدْمَة الْمَأْمُون وَتَوَلَّى خزانَة الْحِكْمَة لَهُ وَكَانَ حكيماً فصيحاً شَاعِرًا أديباً فَارسي الأَصْل شعوبي الْمَذْهَب شَدِيد التعصب على الْعَرَب وَله مصنفات كَثِيرَة تدل على بلاغته وحكمته مثل كتاب ثعلة وعفراء على مِثَال كليلة ودمنة وَغير ذَلِك من الْكتب وَله رسائل وَشعر
وَكَانَ الجاحظ يصف براعته ويحكي عَنهُ فِي كتبه وَكَانَ نِهَايَة فِي الْبُخْل وَله فِي ذَلِك حكايات قَالَ دعبل كُنَّا عِنْد سهل بن هَارُون فأطلنا الْقعُود عِنْده حَتَّى كَاد يَمُوت جوعا ثمَّ قَالَ وَيحك يَا غُلَام غدنا فَأتى بقصعة فِيهَا ديك مطبوخ فَتَأَمّله ثمَّ قَالَ أَيْن الرَّأْس فَقَالَ رميت بِهِ فَقَالَ وَالله إِنِّي لأمقت من يَرْمِي برجليه فَكيف بِرَأْسِهِ وَلَو لم أكره مَا صنعت إِلَّا للطيرة والفأل لكرهته أما علمت أَن الرَّأْس رَئِيس الْأَعْضَاء وَمِنْه يصدح الديك وَلَوْلَا صَوته مَا أُرِيد وَفِيه عرفه الَّذِي يتبرك بِهِ وعينه الَّتِي يضْرب بهَا الْمثل فِي الصفاء فَيُقَال شراب كعين الديك ودماغه عَجِيب لوجع الْكُلية وَلم تَرَ عظما أهش تَحت الْأَسْنَان مِنْهُ وهلا ظَنَنْت أَنِّي لَا آكله أَن الْعِيَال لَا يَأْكُلُونَهُ وَإِن كَانَ قد بلغ من نبلك أَنَّك لَا تَأْكُله فَإِن عندنَا من يَأْكُلهُ أَو مَا علمت أَنه خير من طرف الْجنَاح وَمن رَأس الْعُنُق انْظُر لي أَيْن هُوَ فَقَالَ وَالله مَا أَدْرِي أَيْن هُوَ فَقَالَ وَالله أَنا أَدْرِي أَيْن رميت بِهِ وَالله فِي بَطْنك فَالله حَسبك وَعمل كتابا فِي الْبُخْل)
ومدحه وَبَعثه إِلَى الْحسن بن سهل يستميحه فَوَقع إِلَيْهِ الْحسن يَا سهل لقد مدحت مَا ذمّ الله وَحسنت مَا قبح الله وَمَا يقوم بِفساد معناك صَلَاح لفظك وَقد جعلنَا ثوابك قبُول قَوْلك فَمَا نعطيك شَيْئا وَمن شعره الطَّوِيل
(تقاسمني همان قد كسفا بالي ... وَقد تركا قلبِي محلّة بلبال)
(هما أذريا دمعي وَلم تذر عبرتي ... ربيبة خدر ذَات سمط وخلخال)
(وَلَا قهوة لم يبْق مِنْهَا على المدى ... سوى أَن تحاكي النُّور فِي رَأس ذبال)
(ولكنني أبْكِي بِعَين سخينة ... على حدث تبْكي لَهُ عين أمثالي)
(فِرَاق خَلِيل مثله يبْعَث الأسى ... وخلة حر لَا يقوم لَهَا مَالِي)
(فوا أسفا حَتَّى مَتى الْقلب موجع ... بفقد خَلِيل أَو تعذر إفضال)
(فَمَا الْعُمر إِلَّا أَن تجود بنائل ... وَإِلَّا لِقَاء الْأَخ ذِي الْخلق العالي)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute