(قَالَ أَلا تشرب بِالنَّهَارِ ... وَفِي ضِيَاء الْفجْر والأسحار)
(إِذا وشى بِاللَّيْلِ صبحٌ فافتضح ... وَذكر الطَّائِر شجواً فصدح)
(والنجم فِي حَوْض الْغُرُوب وَارِد ... وَالْفَجْر فِي إِثْر الظلام طارد)
(ونفض اللَّيْل على الرَّوْض الندى ... وحركت أغصانه ريح الصِّبَا)
(وَقد بَدَت فَوق الْهلَال كرته ... كهامة الْأسود شابت لحيته)
(فجمش الدَّار بِبَعْض نوره ... وَاللَّيْل قد رفع من ستوره)
(وقدت المجرة الظلاما ... تحسبها فِي لَيْلهَا إِذا مَا)
(تنفس الصُّبْح وَلما يشْتَغل ... بَين النُّجُوم مثل خرق المكتهل)
(وَقَالَ شرب اللَّيْل قد آذَانا ... وطمس الْعُقُول والأذهانا)
(وَشَكتْ الْجِنّ إِلَى إِبْلِيس ... أَنهم فِي أضيق الحبوس)
(يَبُول فِي وجههم ويخرا ... وَيقتل الذُّبَاب مِنْهُم صبرا)
(أما ترى الْبُسْتَان كَيفَ نورا ... وَنشر المنثور بردا أصفرا)
(وَضحك الْورْد إِلَى الشقائق ... واعتنق الْقطر اعتناق الوامق)
(فِي روضةٍ كحلة الْعَرُوس ... وخرمٍ كهامة الطاوس)
(وياسمينٍ فِي ذرى الإغصان ... منظماً كَقطع العقيان)
)
(والسرو مثل قضب الزبرجد ... قد استمد المَاء من تربٍ ند)
(على رياضٍ وثرىً ثري ... وجدولٍ كالمبرد المجلي)
(وفرش الخشخاش جيباً وفتق ... كَأَنَّهُ مصاحفٌ بيض الْوَرق)
(حَتَّى إِذا مَا انتشرت أوراقه ... وَكَاد أَن ينأد رياً سَاقه)
(صَار كأقداحٍ من البلور ... كَأَنَّمَا تجسمت من نور)
(وَبَعضه عُرْيَان من أثوابه ... قد خجل البائس من أَصْحَابه)
(تبصره بعد انتثار الْورْد ... مثل الدبابيس بأيدي الْجند)
(والسوسن الآزاذ منشور الْحلَل ... كقطن قد مَسّه بعض البلل)
(نور فِي حاشيتي بستانه ... وَدخل الميدان فِي ضَمَانه)
(وَقد بَدَت فِي ثمار الكنكر ... كَأَنَّهَا جماجمٌ من عنبر)