ويتابع (فيليب حتى) نفس الوجهة حين يتحدث عن (الأندلس) فهو يرى أن سبب تأخر أسبانيا في نشوء فقه اللغة العربية والعلوم الدينية وكتابه التاريخ؛ "لأنه لم يكن عند الأسبان أهل البلاد من العلم والفن ما يفيدون به العرب بخلاف ما كانت عليه الحالة في الشام والعراق حين دخلهما الفاتحون"، ونسي المؤلف أن مراكز الدراسات العربية الخالصة وليس في المدن القديمة كدمشق والإسكندرية، وأنها كانت على يد العرب ولم يشارك فيها غير العرب جديًا إلا بعد أن تعربوا. وبعد هذا يحق لنا أن نتساءل: هل أن العرب خرجوا من الجزيرة وهم دون أي ثقافة أو تراث فكري، وماذا حل بعرب المدن في جنوب الجزيرة وشمالها. إن النقوش تكشف لنا تدريجيًّا عن نواح حضارية كانت مجهولة لدينا، كما أننا تحت تأثير مصادرنا - لم نعن بدراسة أثر عرب الجنوب في الحضارة العربية، وإذا كانت معلوماتنا الآن محدودة فإن هذا لا يخير لنا الحكم السلبي.
- كتابة التاريخ عند العرب:
ويذهب (فيليب حتى) إلى أن لكتابة التاريخ عند العرب أصولاً شيدت على أسس الطريقة الفارسية.
- ويقول الدكتور الدوري: وقد تبين لي من دراسة نشأة علم التاريخ عن العرب أن هذا العلم عربي النشأة والأصول، وأن خطوطه الأساسية تحددت قبل الترجمة عن الفارسية، ولذا فإن قول فيليب حتى بأن (المثال) الذي احتذاه المؤلفون فارسيًّا في الأصل على طريقة (خذ اينامه) مردود لأننا نعرف أن كتابة التاريخ على أساس السير وعلى أساس الأسر الحاكمة عرف قبل ترجمة "الخد اينامه" وقد بدأ علم التاريخ عند العرب من أصول تتصل بدراسة الحديث (المغازي) من جهة، وبمتابعة الاهتمام الموروث من الجاهلية بالأيام كما ظهر لدى الإخباريين.