نعم وجود السلطة مهم، ولكن الأهم منه هو موقف هذه السلطة واستعدادها لإقرار السلام والامتثال لقرارات الأمم المتحدة، ففي العراق على سبيل المثال هناك سلطة قائمة، ومع ذلك فقد فرض عليه الالتزام بالشرعية الدولية بالقوة المسلحة وجرى تأديبها وقمعها عدة مرات.
إن الذرائع التي ساقها الدكتور غالي هي ذاتها التي مكنت الصرب من التوسع وممارسة التطهير العرقي، وغير ذلك من الآثام والفظائع التي أرجو أن يكون الأمين العام للأمم المتحدة قد سمع بها.
قد كان استقبال الدكتور بطرس غالي في سراييفو ومقديشيو ناطقًا بحقيقة المشاعر التي تبلورت إزائه بعد سنة من توليه منصبه، وأدع وصف الزيارة للصحف الأمريكية التي رافقته في رحلته وسجلت وقائعها بدقة.
فتقرير الواشنطن بوست نشر تحت عنوان:
"المسلمون البوسنويون يتهمون بطرس غالي بالإسهام في بؤسهم".
وتحت العنوان ذكرت أن الأمين العام
"استقبل بعاصفة من الاستنكار والشتائم من مدينة سراييفو المحاصرة، والتي اعتقد أهلها أن الأمم المتحدة ضاعفت من محنتهم، وذلك خلال زيارة استغرقت ست ساعات ناشد فيها البوسنويين أن يضعوا ثقتهم في المفاوضات التي تجريها الأمم المتحدة، وقال: إن استخدام القوة ضد الصرب الذين يقصفون العاصمة ليس مستحبًا الآن!
وبينما كان بطرس غالي يشرح ذلك لممثل الحكومة البوسنية، تعالى الهتاف من الشارع:
"مُجرِم قَاتِل فاشي، ساعِدنا أو عد لبلادك".
وخرج بطرس غالي من البنى تحت حراسة مشددة حيث ذهب لزيارة المستشفى، وعلى الطريق قابلته هتافات أكثر عدائية من السكان الجياع في