للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَمْنُوعٌ ثُمَّ، قَالَ الْخَامِسُ: الْأَذَانُ لِلْفَوَائِتِ وَالسُّنَنِ كَالْعِيدَيْنِ وَالْخُسُوفِ وَالِاسْتِسْقَاءِ، وَالْوِتْرِ وَرَكْعَتَيْ الْفَجْرِ، وَأَذَانِ النِّسَاءِ لِلْفَرَائِضِ فَذَلِكَ مَكْرُوهٌ، فَاعْتَمَدَ فِي الشَّامِلِ آخِرَ كَلَامِهِ، فَقَالَ: وَيُكْرَهُ لِامْرَأَةٍ وَكَذَا، قَالَ صَاحِبُ الطِّرَازِ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ كَرَاهَةُ التَّأْذِينِ لِلْمَرْأَةِ، ثُمَّ قَالَ: وَوَجْهُ الْمَذْهَبِ أَنَّ رَفْعَ الصَّوْتِ فِي حَقِّ النِّسَاءِ مَكْرُوهٌ مَعَ الِاسْتِغْنَاءِ عَنْهُ لِمَا فِيهِ مِنْ الْفِتْنَةِ وَتَرْكِ الْحَيَاءِ، وَإِنَّمَا تُسْمِعُ الْمَرْأَةُ نَفْسَهَا، وَمَنْ يَدْنُو مِنْهَا فِي مَوْضِعِ الْجَهْرِ كَصَلَاتِهَا وَتَلْبِيَتِهَا انْتَهَى. وَنَقَلَهُ الْقَرَافِيُّ وَقَبِلَهُ، وَنَقَلَ فِي الْقَوَانِينِ: أَنَّ أَذَانَ الْمَرْأَةِ حَرَامٌ، وَالْأَذَانَ لِلْفَوَائِتِ مَكْرُوهٌ، وَكَذَلِكَ، قَالَ الشَّبِيبِيُّ فِي شَرْحِ الرِّسَالَةِ: وَلَيْسَ مَا ذَكَرُوهُ مِنْ الْكَرَاهَةِ بِظَاهِرٍ بَلْ يَنْبَغِي أَنْ تُحْمَلَ الْكَرَاهَةُ فِي آخِرِ كَلَامِ اللَّخْمِيِّ عَلَى الْمَنْعِ، وَكَذَلِكَ مَا ذَكَرَهُ فِي الطِّرَازِ، قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: وَأَمَّا الْأَذَانُ فَلَا يُطْلَبُ مِنْ النِّسَاءِ اتِّفَاقًا، وَنَصَّ اللَّخْمِيُّ عَلَى أَنَّهُ مَمْنُوعٌ انْتَهَى. وَقَالَ ابْنُ فَرْحُونٍ: وَأَمَّا الْأَذَانُ فَمَمْنُوعٌ فِي حَقِّهِنَّ، قَالَهُ اللَّخْمِيُّ؛ لِأَنَّ صَوْتَهَا عَوْرَةٌ، ثُمَّ قَالَ لَمَّا تَكَلَّمَ عَلَى شُرُوطِ الْمُؤَذِّنِ: وَأَمَّا الْمَرْأَةُ فَكَانَ يَنْبَغِي قَبُولُ قَوْلِهَا إنْ اتَّصَفَتْ بِالْعَدَالَةِ لَكِنَّهَا لَمَّا كَانَتْ مَمْنُوعَةً مِنْ الْأَذَانِ، وَأَقْدَمَتْ عَلَى مَا هُوَ مُحَرَّمٌ عَلَيْهَا لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهَا عُقُوبَةً لَهَا انْتَهَى.

(قُلْتُ) وَقَوْلُهُ: لِأَنَّ صَوْتَهَا عَوْرَةٌ، نَحْوُهُ لِابْنِ يُونُسَ، قَالَ ابْنُ نَاجِي فِي شَرْحِ الْمُدَوَّنَةِ وَاعْتَرَضَهُ شَيْخُنَا أَبُو مَهْدِيٍّ: بِأَنَّ الصَّوَابَ أَنْ يَقُولَ؛ لِأَنَّ رَفْعَ صَوْتِهَا عَوْرَةٌ؛ لِرِوَايَةِ الصَّحَابَةِ عَنْ غَيْرِ أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ، قَالَ: وَقَالَهُ ابْنُ هَارُونَ، قَالَ ابْنُ نَاجِي: لِضَرُورَةِ التَّعْلِيمِ وَكَذَلِكَ يَجُوزُ بَيْعُهَا وَشِرَاؤُهَا انْتَهَى.

ص (وَبُلُوغٍ)

ش: ظَاهِرُهُ أَنَّ أَذَانَ الصَّبِيِّ الْمُمَيِّزِ لَا يَصِحُّ وَلَوْ لَمْ يُوجَدْ غَيْرُهُ وَهَذَا مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ وَقِيلَ: يَصِحُّ مُطْلَقًا رَوَاهُ أَبُو الْفَرَجِ فِي الْحَاوِي وَقِيلَ: يَصِحُّ إنْ كَانَ مَعَ النِّسَاءِ وَفِي مَوْضِعٍ لَا يُوجَدُ غَيْرُهُ، وَذَكَرَ هَذِهِ الْأَقْوَالَ الثَّلَاثَةَ صَاحِبُ الطِّرَازِ وَابْنُ عَرَفَةَ وَغَيْرُهُمْ، وَزَادَ ابْنُ عَرَفَةَ رَابِعًا وَعَزَاهُ لِلَّخْمِيِّ، وَهُوَ أَنَّهُ يَصِحُّ أَذَانُهُ إذَا كَانَ ضَابِطًا وَأَذَّنَ تَبَعًا لِبَالِغٍ، وَنَصُّهُ: " وَفِي صِحَّتِهِ مِنْ الصَّبِيِّ الْمُمَيِّزِ ثَالِثُهَا إنْ لَمْ يُوجَدْ غَيْرُهُ، وَرَابِعُهَا إنْ كَانَ ضَابِطًا تَابِعًا لِبَالِغٍ لِرِوَايَةِ أَبِي الْفَرَجِ وَلَهَا وَلِرِوَايَةِ أَشْهَبَ وَاللَّخْمِيِّ انْتَهَى ".

(قُلْتُ) مَا عَزَاهُ اللَّخْمِيُّ لَا يَنْبَغِي أَنْ يُخْتَلَفَ فِيهِ وَقَدْ نَقَلَ ابْنُ نَاجِي فِي شَرْحِ الْمُدَوَّنَةِ عَنْ ابْنِ رَاشِدٍ فِي شَرْحِ قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ: وَفِي الصَّبِيِّ قَوْلَانِ مَا نَصُّهُ: " إنْ كَانَ مَحِلُّ الْخِلَافِ فِي كَوْنِهِ وَاحِدًا مِنْ الْمُؤَذِّنِينَ فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُخْتَلَفَ فِي الْجَوَازِ؛ لِأَنَّهُ مِمَّنْ يُخَاطِبُ بِالسُّنَّةِ، وَإِنْ كَانَ مَحِلُّ الْخِلَافِ كَوْنَهُ مُوَقِّتًا يُعْتَمَدُ عَلَى إخْبَارِهِ بِدُخُولِ الْوَقْتِ فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُخْتَلَفَ فِي الْمَنْعِ؛ لِأَنَّ الْخَبَرَ، وَإِنْ صَحَّ مِنْ وَاحِدٍ فَلَا بُدَّ مِنْ عَدَالَتِهِ، وَالصَّبِيُّ غَيْرُ مَحْكُومٍ لَهُ بِالْعَدَالَةِ انْتَهَى. فَأَمَّا مَا ذَكَرَهُ ابْنُ رَاشِدٍ فِيمَا إذَا كَانَ تَبَعًا فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُخْتَلَفَ فِيهِ كَمَا، قَالَ وَقَدْ صَرَّحَ صَاحِبُ الطِّرَازِ: بِأَنَّهُ يَجُوزُ لِلصَّبِيِّ أَنْ يُؤَذِّنَ لِنَفْسِهِ ذَكَرَهُ فِي التَّفْرِيقِ بَيْنَ الْمَرْأَةِ وَالصَّبِيِّ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ الْمَرْأَةَ لَا تُقِيمُ وَذَكَرَ فِي أَثْنَاءِ احْتِجَاجِهِ أَنَّ مَا يُخَاطَبُ بِهِ بَعْدَ الْبُلُوغِ يُؤْمَرُ بِهِ قَبْلَهُ تَمْرِينًا لَهُ فَيُفْهَمُ مِنْ هَذَا أَنَّ الصَّبِيَّ الْمُمَيِّزَ إذَا سَافَرَ يُؤْمَرُ بِالْأَذَانِ وَكَذَا لَوْ كَانَ جَمَاعَةٌ مِنْ الصِّبْيَانِ، وَالْأَذَانُ يَجْمَعُهُمْ لَأُمِرُوا بِالْأَذَانِ؛ لِأَنَّ الْجَمَاعَةَ مَشْرُوعَةٌ فِي حَقِّهِمْ، وَجَعَلَ ابْنُ بَشِيرٍ الْخِلَافَ فِي أَذَانِ الصَّبِيِّ إنَّمَا هُوَ بِالْجَوَازِ وَالْكَرَاهَةِ، فَقَالَ: وَهَلْ يَجُوزُ الْأَذَانُ لِلْجُنُبِ وَالصَّبِيِّ فِي الْمَذْهَبِ قَوْلَانِ: الْكَرَاهَةُ وَالْجَوَازُ، فَأَمَّا الْكَرَاهَةُ فَلِأَنَّ الْمُؤَذِّنَ دَاعٍ إلَى الصَّلَاةِ، وَهَذَانِ لَيْسَا مِمَّنْ يَسْتَحِقُّ الدُّعَاءَ إلَيْهَا، وَالْجَوَازُ لِأَنَّهُ ذِكْرٌ، وَهَذَانِ مِنْ أَهْلِهِ انْتَهَى.

فَلَمْ يُحْكَ فِيهِ إلَّا الْكَرَاهَةُ، وَبِذَلِكَ صَرَّحَ فِي مُخْتَصَرِ الْوَقَارِ، فَقَالَ: وَيُكْرَهُ أَذَانُ مَنْ لَمْ يَبْلُغْ الْحُلُمَ انْتَهَى.

وَأَمَّا مَا ذَكَرَهُ ابْنُ رَاشِدٍ فِي الْقِسْمِ الثَّانِي أَعْنِي أَنَّهُ لَا يُخْتَلَفُ فِي الْمَنْعِ مِنْ كَوْنِهِ مُوَقِّتًا يُعْتَمَدُ عَلَى أَذَانِهِ فَهُوَ ظَاهِرٌ أَيْضًا وَلَا إشْكَالَ فِي الْمَنْعِ مِنْهُ ابْتِدَاءً وَإِنَّمَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَحِلُّ الْخِلَافِ إذَا وَقَعَ ذَلِكَ، وَأَذَّنَ أَوْ كَانَ هُنَاكَ مَنْ يَضْبِطُ الْأَوْقَاتَ وَيَأْمُرُ

<<  <  ج: ص:  >  >>