أَعْلَمُ.
[مَسْأَلَةٌ أَكْرَى أَرْضَهُ بِمَائِهَا وَشَرَطَ عَلَيْهِ أَنْ يُعْطِي أَحْمَالًا مِنْ الزِّبْلِ مَعْلُومَةً]
، وَفِي مَسَائِلِ الْإِجَارَةِ مِنْهُ سُئِلَ السُّيُورِيُّ عَمَّنْ أَكْرَى أَرْضَهُ بِمَائِهَا، وَشَرَطَ عَلَيْهِ أَنْ يُعْطِيَ أَحْمَالًا مِنْ الزِّبْلِ مَعْلُومَةً لِلْأَرْضِ الْمُكْتَرَاةِ فَأَجَابَ لَا يَجُوزُ ذَلِكَ إذَا كَانَتْ عَذِرَةً أَوْ هِيَ مَعَ غَيْرِهَا، وَعَقَدَ عَلَى الْجَمِيعِ عَقْدًا وَاحِدًا قَالَ الْبُرْزُلِيُّ: هَذَا يَجْرِي عَلَى الْخِلَافِ فِي بَيْعِ الزِّبْلِ، وَالْعَذِرَةِ مِمَّنْ يُجِيزُهُ أَوْ يُكْرِهُهُ فَكَذَا هُنَا وَيُحْتَمَلُ الْأَمْرُ مَعَ الْمَنْعِ هُنَا؛ لِأَنَّهُ هُنَا تَابِعٌ لِلْكِرَاءِ فَهُوَ أَضْعَفُ، وَهُوَ عِنْدِي ظَاهِرٌ الْمُدَوَّنَةُ مِنْ قَوْلِهِ إذَا اكْتَرَى أَرْضًا عَلَى أَنْ يُكْرِبَهَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، وَيَزْرَعَهَا الْكِرَابَ الرَّابِعَ جَازَ ذَلِكَ عَلَى أَنْ يُزَبِّلَهَا إنْ كَانَ الَّذِي يُزَبِّلُهَا بِهِ شَيْئًا مَعْرُوفًا فَظَاهِرُهَا الْعُمُومُ إمَّا الْجَوَازُ مُطْلَقًا أَوْ؛ لِأَنَّهَا تَبَعٌ لِمَا يُبَاحُ بَيْعُهُ، وَالْعُرْفُ الْيَوْمَ عَلَى الْجَوَازِ انْتَهَى.
وَمَسْأَلَةُ الْمُدَوَّنَةِ فِي أَوَاخِرِ أَكْرِيَةِ الدُّورِ وَالْأَرْضِينَ مِنْهَا، وَنَقَلَهَا الْمُصَنِّفُ فِي فَصْلِ كِرَاءِ الدُّورِ وَالْأَرْضِينَ، وَقَوْلُهُ يَكْرُبَهَا بِضَمِّ الرَّاءِ، وَبِالْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ وَتَكْرِيبُ الْأَرْضِ تَطْيِيبُهَا، وَإِثَارَتُهَا لِلْحَرْثِ وَالزِّرَاعَةِ، وَهُوَ الْكَرَابُ بِفَتْحِ الْكَافِ، وَأَمَّا الزَّيْتُ النَّجِسُ، وَشِبْهُهُ فَيُمْنَعُ بَيْعُهُ قَالَ ابْنُ شَاسٍ: عَنْ ابْنِ حَبِيبٍ، وَعَلَى ذَلِكَ مَالِكٌ، وَأَصْحَابُهُ إلَّا ابْنَ وَهْبٍ انْتَهَى قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: وَصَرَّحَ الْمَازِرِيُّ بِمَشْهُورِيَّتِهِ وَمُقَابِلُهُ رِوَايَةٌ وَقَعَتْ لِمَالِكٍ كَانَ يُفْتِي بِهَا ابْنُ اللَّبَّادِ وَفِيهِ قَوْلٌ ثَالِثٌ بِجَوَازِ بَيْعِهِ لِغَيْرِ الْمُسْلِمِ انْتَهَى.
ص (وَانْتِفَاعٌ بِهِ لَا كَمُحَرَّمٍ أَشْرَفُ) ش لَمَّا فَرَغَ مِنْ الْكَلَامِ عَلَى الشَّرْطِ الْأَوَّلِ مِنْ شُرُوطِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ أَتْبَعَهُ بِالْكَلَامِ عَلَى الشَّرْطِ الثَّانِي فَقَالَ وَانْتِفَاعٌ يَعْنِي أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ أَنْ يَكُونَ مُنْتَفَعًا بِهِ فَيَجُوزُ بَيْعُ الْمُنْتَفَعِ بِهِ لَا مَا لَا مَنْفَعَةَ فِيهِ فَلَا يَجُوزُ الْعَقْدُ بِهِ، وَلَا عَلَيْهِ، وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّهُ مِنْ أَكْلِ الْمَالِ بِالْبَاطِلِ، وَذَلِكَ كَمُحَرَّمِ الْأَكْلِ إذَا أَشْرَفَ عَلَى الْمَوْتِ، وَاعْلَمْ أَنَّ الْأَعْيَانَ عَلَى قِسْمَيْنِ: الْأَوَّلُ مَا لَا مَنْفَعَةَ فِيهِ أَصْلًا فَلَا يَصِحُّ الْعَقْدُ بِهِ، وَلَا عَلَيْهِ لِمَا تَقَدَّمَ بَلْ لَا يَصِحُّ مِلْكُهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْمَازِرِيُّ وَابْنُ شَاسٍ وَالْقَرَافِيُّ، وَمَثَّلَهُ بِالْخَشَاشِ، وَمَثَّلَهُ الْبِسَاطِيُّ بِالْخُفَّاشِ، وَبَعْضِ الْعَصَافِيرِ الَّتِي لَوْ جَمَعَ مِنْهَا مِائَةً لَمْ يَتَحَصَّلْ مِنْهَا أُوقِيَّةُ لَحْمٍ، وَذَلِكَ دَاخِلٌ فِي كَلَامِ الْقَرَافِيِّ أَوْ قَرِيبٌ مِنْهُ الثَّانِي مَا لَهُ مَنْفَعَةٌ، وَهُوَ عَلَى ثَلَاثَةِ: أَقْسَامٍ الْأَوَّلُ مَا كَانَ جَمِيعُ مَنَافِعِهِ مُحَرَّمَةً، وَهُوَ كَاَلَّذِي لَا مَنْفَعَةَ فِيهِ لَا يَصِحُّ بَيْعُهُ، وَلَا تَمَلُّكُهُ إنْ كَانَ مِمَّا نَهَى الشَّارِعُ عَنْهُ كَالْخَمْرِ، وَالْمَيْتَةِ وَالدَّمِ وَلَحْمِ الْخِنْزِيرِ؛ لِأَنَّ الْمَعْدُومَ شَرْعًا كَالْمَعْدُومِ حِسًّا، وَمَثَّلَهُ الْقَرَافِيُّ بِالْخَمْرِ، وَالْمُطْرِبَاتِ الْمُحَرَّمَةِ إلَّا عِنْدَ مَنْ أَجَازَ تَخْلِيلَ الْخَمْرِ فَإِنَّهُ سَهَّلَ فِي إمْسَاكِهَا لِيُخَلِّلَهَا
وَقَالَ فِي الْمُتَيْطِيَّةِ: وَمَنْ اشْتَرَى مِنْ آلَةِ اللَّهْوِ شَيْئًا كَالْبُوقِ، وَغَيْرِهِ فُسِخَ الْبَيْعُ، وَأُدِّبَ أَهْلُهُ انْتَهَى. الثَّانِي مَا كَانَ جَمِيعُ مَنَافِعِهِ مُحَلَّلَةً فَيَجُوزُ بَيْعُهُ إجْمَاعًا كَالثَّوْبِ وَالْعَبْدِ، وَالْعَقَارِ، وَشِبْهِ ذَلِكَ قَالَهُ الْمَازِرِيُّ، وَيَصِحُّ مِلْكُهُ إلَّا أَنْ يَتَعَلَّقَ بِتِلْكَ الْمَنْفَعَةِ حَقُّ الْآدَمِيِّ كَالْحُرِّ فَإِنَّهُ أَحَقُّ بِنَفْسِهِ أَوْ حَقٌّ لِلَّهِ كَالْمَسَاجِدِ وَالْبَيْتِ الْحَرَامِ فَلَا يَصِحُّ مِلْكُ ذَلِكَ، وَلَا بَيْعُهُ، وَقَدْ يَمْنَعُ تَعَلُّقُ حَقِّ الْآدَمِيِّ الْبَيْعَ دُونَ الْمِلْكِ كَأُمِّ الْوَلَدِ وَالْمُعْتَقِ إلَى أَجَلٍ وَالْوَقْفِ، وَنَحْوِ ذَلِكَ الثَّالِثُ مَا فِيهِ مَنَافِعُ مُحَلَّلَةٌ، وَمَنَافِعُ مُحَرَّمَةٌ قَالَ الْمَازِرِيُّ: فَهُوَ الْمُشْكِلُ عَلَى الْأَفْهَامِ، وَمَزَلَّةُ الْأَقْدَامِ، وَفِيهِ تَرَى الْعُلَمَاءَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute