للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِخِلَافِ بَابِ الطَّهَارَةِ، فَلَا يَعْمَلُ بِهِ بِالِاحْتِمَالَاتِ الْبَعِيدَةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[فَرْعٌ الْإِحْرَامُ فِي ثَوْبٍ فِيهِ عَلَمُ حَرِيرٍ]

(فَرْعٌ) : قَالَ فِي النَّوَادِرِ: قَالَ مَالِكٌ: وَلِلرَّجُلِ أَنْ يُحْرِمَ فِي ثَوْبٍ فِيهِ عَلَمُ حَرِيرٍ مَا لَمْ يَكْثُرْ أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ عُمَرَ عَنْ ابْنِ بُكَيْرٍ أَنَّهُ سَأَلَ مَالِكًا هَلْ يُحْرِمُ فِي ثَوْبٍ فِيهِ عَلَمُ حَرِيرٍ قَدْرَ الْأُصْبُعِ؟ قَالَ لَا بَأْسَ بِذَلِكَ انْتَهَى.

[فَرْعٌ الرَّجُلِ يُحْرِمُ فِي ثَوْبٍ فِيهِ رِيحُ الْمِسْكِ وَالطِّيبِ]

(فَرْعٌ) : قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: وَسُئِلَ ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ الرَّجُلِ يُحْرِمُ فِي ثَوْبٍ يَجِدُ فِيهِ رِيحُ الْمِسْكِ وَالطِّيبِ قَالَ: سَأَلْت مَالِكًا عَنْ الرَّجُلِ يَكُونُ فِي تَابُوتِهِ الْمِسْكُ، فَيَكُونُ فِيهِ مِلْحَفَةٌ فَيُخْرِجُهَا لِيُحْرِمَ فِيهَا، وَقَدْ عَلِقَ فِيهَا رِيحُ الْمِسْكِ قَالَ: يَغْسِلُهَا.

أَوْ يَنْشُرُهَا حَتَّى يَذْهَبَ رِيحُهُ قَالَ سَنَدٌ: بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ الْخِلَافَ فِي التَّطَيُّبِ عِنْدَ الْإِحْرَامِ وَأَنَّ مَنْ أَبَاحَ ذَلِكَ أَبَاحَهُ فِي الْبَدَنِ، وَفِي الثَّوْبِ، وَمَنْ مَنَعَهُ مَنَعَهُ مِنْ الْبَدَنِ وَمِنْ الثَّوْبِ مَا نَصُّهُ أَمَّا ثَوْبُ الْمُحْرِمِ إذَا عَلِقَ بِهِ رِيحُ طِيبٍ، أَوْ تَبَخَّرَ بِعَنْبَرٍ وَنَدٍّ وَشَبَهِهِمَا، فَلَا يَلْبَسُهُ الْمُحْرِمُ، فَإِنْ فَعَلَ، فَقَالَ فِي الْمَوَّازِيَّةِ لَا يُحْرِمُ فِي ثَوْبٍ فِيهِ رِيحُ مِسْكٍ، أَوْ طِيبٍ، فَإِنْ فَعَلَ، فَلَا فِدْيَةَ عَلَيْهِ قَالَ أَشْهَبُ: فِي الْمَجْمُوعَةِ إلَّا أَنْ يَكُونَ كَالتَّطَيُّبِ، وَيَنْبَغِي أَنْ يُخْرِجَ الْفِدْيَةَ إذَا فَعَلَهُ عِنْدَ الْإِحْرَامِ عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ الِاخْتِلَافِ فِيمَنْ تَطَيَّبَ حِينَئِذٍ.

أَمَّا مَا بَعْدَ الْإِحْرَامِ، فَيَفْتَدِي، وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: لَا فِدْيَةَ فِي ذَلِكَ، وَتَعَلَّقَ بِأَنَّهُ غَيْرُ مُسْتَعْمِلٍ مُحَرَّمَ الطِّيبِ فِي بَدَنِهِ، فَلَا تَلْزَمُهُ الْفِدْيَةُ بِمُجَرَّدِ الرَّائِحَةِ كَمَا لَوْ جَلَسَ فِي الْعَطَّارِينَ فَشَمَّ الطِّيبَ، وَوَجْهُ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ لَبِسَ ثَوْبًا مُطَيَّبًا عَامِدًا، فَوَجَبَتْ عَلَيْهِ الْفِدْيَةُ كَمَا لَوْ تَضَمَّخَ بِالطِّيبِ، وَيُخَالِفُ الْجُلُوسُ فِي الْعَطَّارِينَ بِأَنَّهُ لَيْسَ بِتَطَيُّبٍ بِخِلَافِ مَسْأَلَتِنَا انْتَهَى.

(قُلْت) مَا ذَكَرَهُ عَنْ كِتَابِ ابْنِ الْمَوَّازِ وَعَنْ الْمَجْمُوعَةِ نَحْوُهُ فِي النَّوَادِرِ، وَذَكَرَ اللَّخْمِيُّ عَنْ مُحَمَّدٍ نَحْوَ مَا ذُكِرَ عَنْ أَشْهَبَ.

وَهُوَ غَرِيبٌ، وَنَصُّهُ: وَلَا يُحْرِمُ فِي ثَوْبٍ فِيهِ رَائِحَةُ الطِّيبِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ عَيْنُ الطِّيبِ قَالَ مُحَمَّدٌ: إنْ كَثُرَتْ الرَّائِحَةُ افْتَدَى انْتَهَى، وَنَقَلَهُ عَنْهُ أَبُو الْحَسَنِ وَلَمْ يَتَعَقَّبْهُ، وَذَكَرَ ابْنُ يُونُسَ مَا فِي كِتَابِ ابْنِ الْمَوَّازِ كَأَنَّهُ تَتْمِيمٌ لِكَلَامِ الْمُدَوَّنَةِ وَلَمْ يَعْزُهُ لِكِتَابِ ابْنِ الْمَوَّازِ، ثُمَّ ذَكَرَ كَلَامَ أَشْهَبَ كَأَنَّهُ تَقْيِيدٌ لَهُ، فَقَالَ: قَالَ مَالِكٌ: وَلَا يُحْرِمُ فِي ثَوْبٍ عَلِقَ فِيهِ رِيحُ الْمِسْكِ حَتَّى تَذْهَبَ رِيحُهُ بِغَسْلٍ، أَوْ نَشْرٍ.

وَإِنْ أَحْرَمَ فِيهِ قَبْلَ أَنْ يَذْهَبَ رِيحُهُ، فَلَا فِدْيَةَ عَلَيْهِ قَالَ أَشْهَبُ إلَّا أَنْ يَكْثُرَ، فَيَصِيرَ كَالطِّيبِ انْتَهَى.

وَنَقَلَهُ أَبُو الْحَسَنِ، وَقَالَ بَعْدَهُ الشَّيْخُ: الْمِسْكُ لَمْ يُجْعَلْ فِي الثَّوْبِ، وَإِنَّمَا عَلِقَ بِهِ رِيحُهُ مِنْ غَيْرِهِ يَظْهَرُ مِنْ قَوْلِهِ عَلِقَ بِهِ انْتَهَى.

ثُمَّ قَالَ فِي الطِّرَازِ: فَلَوْ مَسَّهُ طِيبٌ، ثُمَّ ذَهَبَ رِيحُ الطِّيبِ مِنْهُ هَلْ يُحْرِمُ فِيهِ؟ سُئِلَ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّإِ فَقَالَ نَعَمْ مَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ صِبَاغُ زَعْفَرَانٍ، أَوْ وَرْسٍ، أَوْ الَّذِي يَتَحَصَّلُ عِنْدِي مِنْ هَذَا أَنَّ الثَّوْبَ إذَا كَانَتْ فِيهِ رَائِحَةُ الطِّيبِ، فَلَا يُحْرِمُ فِيهِ.

وَيَنْبَغِي أَنْ يُفَصَّلَ فِي ذَلِكَ، فَإِنْ كَانَتْ رَائِحَةَ طِيبٍ مُؤَنَّثٍ كَانَ الْإِحْرَامُ فِيهِ حَرَامًا، وَإِنْ كَانَتْ رَائِحَةَ طِيبٍ مُذَكَّرٍ كَانَ الْإِحْرَامُ فِيهِ مَكْرُوهًا، فَإِنْ أَحْرَمَ فِيهِ، فَإِنْ كَانَ الطِّيبُ مُذَكَّرًا، فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ مُؤَنَّثًا، فَالظَّاهِرُ مَا قَالَهُ صَاحِبُ الطِّرَازِ أَنَّ حُكْمَ ذَلِكَ حُكْمُ مَنْ تَطَيَّبَ عِنْدَ الْإِحْرَامِ بِمَا تَبْقَى رَائِحَتُهُ بَعْدَ الْإِحْرَامِ فَالْمَشْهُورُ لَا فِدْيَةَ عَلَيْهِ، وَقَالَ أَشْهَبُ: عَلَيْهِ الْفِدْيَةُ إنْ كَانَ كَثِيرًا، وَاخْتُلِفَ هَلْ قَوْلُهُ تَفْسِيرٌ، أَوْ خِلَافٌ؟ كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ

[فَرْعٌ الْإِحْرَامَ فِي ثَوْبٍ مُصَبَّغٍ بِدُهْنٍ]

(فَرْعٌ) : قَالَ فِي النَّوَادِرِ وَلَا بَأْسَ أَنْ يُحْرِمَ فِي ثَوْبٍ مُصَبَّغٍ بِدُهْنٍ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَإِنْ كَانَتْ لَهُ رَائِحَةٌ طَيِّبَةٌ مَا لَمْ يَكُنْ مِسْكًا، أَوْ عَنْبَرًا انْتَهَى.

وَنَقَلَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَالْمُصَنِّفُ فِي التَّوْضِيحِ وَابْنُ عَرَفَةَ وَغَيْرُهُمْ، وَقَالَ فِي رَسْمِ لِيَرْفَعْنَ مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ كِتَابِ الْحَجِّ سُئِلَ عَنْ الثَّوْبِ يُصِيبُهُ الدُّهْنُ، هَلْ يُحْرِمُ فِيهِ؟ قَالَ: نَعَمْ لَا بَأْسَ بِهِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: إلَّا أَنْ يَكُونَ مِسْكًا، أَوْ عَنْبَرًا قَالَ ابْنُ رُشْدٍ: وَهَذَا كَمَا قَالَ؛ لِأَنَّ الْأَدْهَانَ الَّتِي لَا طِيبَ فِيهَا يَجُوزُ لِلْمُحْرِمِ أَنْ يَأْكُلَهَا وَيَدْهُنَ بِهَا يَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ مِنْ شُقَاقٍ بِهَا لَا لِتَحْسِينِهَا، وَهِيَ لَا تُحَسِّنُ الثَّوْبَ بِحَالٍ إذَا أَصَابَتْهُ بَلْ تُوَسِّخُهُ، فَلَا بَأْسَ بِالْإِحْرَامِ فِيهِ كَمَا قَالَ انْتَهَى.

(فَرْعٌ) : قَالَ فِي النَّوَادِرِ فِي الثَّوْبِ الْمُعَصْفَرِ الْمُفْدَمِ: كَرِهَهُ مَالِكٌ لِلرِّجَالِ فِي غَيْرِ الْإِحْرَامِ انْتَهَى.

<<  <  ج: ص:  >  >>