وَيُنْقَضُ الْبَيْعُ، وَإِنْ افْتَرَقَا وَوَجَدَهُمَا كَذَلِكَ فَلَا بُدَّ أَنْ يُنْتَقَضَ فَلَوْ وَزَنَهُمَا قَبْلَ التَّفَرُّقِ فَوَجَدَ نَقْصًا فَرَضِيَهُ أَوْ زِيَادَةً فَتَرَكَهَا الْآخَرُ فَذَلِكَ جَائِزٌ مُحَمَّدٌ قَالَ أَشْهَبُ فِي افْتِرَاقِهِمَا عَلَى التَّصْدِيقِ فَيَجِدُ زِيَادَةً أَوْ نَقْصًا فَتَرَكَ الْفَضْلَ مَنْ هُوَ لَهُ جَازَ ذَلِكَ وَكَذَلِكَ إنْ كَانَتْ دَرَاهِمَ فَوَجَدَ فِيهَا رَدِيئَةً أَوْ دُونَ مَا قَالَ مِنْ الْوَزْنِ فَيَتْرُكُ ذَلِكَ وَلَا يَتْبَعُهُ إنَّ ذَلِكَ جَائِزٌ بَيْنَهُمَا انْتَهَى.
ص (وَمُقْرَضٍ وَمَبِيعٍ لِأَجَلٍ وَرَأْسِ مَالِ سَلَمٍ وَمُعَجَّلٍ قَبْلَ أَجَلِهِ)
ش: وَانْظُرْ إذَا صَدَقَ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ مَا الْحُكْمُ فِي ذَلِكَ.
ص (وَبَيْعٍ وَصَرْفٍ)
ش: أَيْ وَحُرِّمَ اجْتِمَاعُ بَيْعٍ وَصَرْفٍ، وَهُوَ الْمَشْهُورُ خِلَافًا لِأَشْهَبَ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ وَعَلَى الْمَشْهُورِ فَإِنْ وَقَعَ فَقِيلَ: هُوَ كَالْعُقُودِ الْفَاسِدَةِ فَيُفْسَخُ وَلَوْ مَعَ الْفَوَاتِ وَقِيلَ: هُوَ مِنْ الْبِيَاعَاتِ الْمَكْرُوهَةِ فَيُفْسَخُ مَعَ الْقِيَامِ لَا مَعَ الْفَوَاتِ ابْنُ رُشْدٍ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ انْتَهَى. وَكَذَلِكَ السَّلَفُ وَالصَّرْفُ لَا يَجُوزُ اجْتِمَاعُهُمَا قَالَ ابْنُ رُشْدٍ، وَهُوَ أَضْيَقُ مِنْ الْبَيْعِ وَالسَّلَفِ؛ لِأَنَّهُ إذَا تَرَكَ مُشْتَرِطُ السَّلَفِ شَرْطَهُ أَوْ رَدَّهُ جَازَ الْبَيْعُ عَلَى الْمَشْهُورِ إذَا كَانَتْ السِّلْعَةُ قَائِمَةً، وَإِنْ تَرَكَ مُشْتَرِطُ السَّلَفِ شَرْطَهُ فِي السَّلَفِ وَالصَّرْفِ لَمْ يَجُزْ وَلَا بُدَّ مِنْ فَسْخِهِ بِلَا خِلَافٍ وَلَا يَجُوزُ فِي قَوْلِ قَائِلٍ أَنْ يَمْضِيَ الصَّرْفُ إذَا رَضِيَ مُشْتَرِطُ السَّلَفِ بِتَرْكِهِ انْتَهَى. مِنْ سَمَاعِ أَبِي زَيْدٍ مِنْ كِتَابِ الصَّرْفِ.
[تَنْبِيهَاتٌ الْأَوَّلُ لَهُ عَلَى رَجُلٍ نِصْفُ دِينَارٍ إلَى أَجَلٍ فَدَفَعَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ نِصْفَ دِينَارٍ دَرَاهِمَ وَأَخَذَ مِنْهُ دِينَارًا قَبْلَ الْأَجَلِ]
(تَنْبِيهَاتٌ الْأَوَّلُ) مِمَّا يَدْخُلُ فِي ذَلِكَ مَسْأَلَةُ أَوَّلِ سَمَاعِ أَبِي زَيْدٍ فِيمَنْ لَهُ عَلَى رَجُلٍ نِصْفُ دِينَارٍ إلَى أَجَلٍ فَدَفَعَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ نِصْفَ دِينَارٍ دَرَاهِمَ وَأَخَذَ مِنْهُ دِينَارًا قَبْلَ الْأَجَلِ: قَالَ لَا خَيْرَ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ سَلَفٌ وَصَرْفٌ؛ لِأَنَّ الْمُعَجِّلَ لِمَا فِي الذِّمَّةِ قَبْلَ أَجَلِهِ يُعَدُّ مُسَلِّفًا قِيلَ: لَهُ فَإِنْ دَفَعَ لَهُ بِالنِّصْفِ الْبَاقِي عَرْضًا فَأَجَازَهُ مَالِكٌ وَابْنُ الْقَاسِمِ فِي أَحَدِ قَوْلَيْهِ، وَمَنَعَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي قَوْلِهِ الثَّانِي قَالَ ابْنُ رُشْدٍ، وَهُوَ الْقِيَاسُ؛ لِأَنَّ تَعْجِيلَ نِصْفِ الدِّينَارِ سَلَفٌ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُقَارِنَهُ بَيْعٌ كَمَا لَا يَجُوزُ أَنْ يُقَارِنَهُ صَرْفٌ وَإِنَّمَا أَجَازَهُ مَالِكٌ وَابْنُ الْقَاسِمِ فِي أَحَدِ قَوْلَيْهِ فِي الْبَيْعِ؛ لِأَنَّهُمَا اسْتَحَقَّاهُ فِيهِ لِقِلَّتِهِ، وَلَمْ يَسْتَحِقَّاهُ فِي الصَّرْفِ؛ لِأَنَّهُ أَضْيَقُ مِنْ الْبَيْعِ وَذَكَرَ مَا تَقَدَّمَ.
[التَّنْبِيه الثَّانِي لَا يَجْتَمِعُ مَعَ الْبَيْعِ عُقُودٌ سِتَّةٌ]
(الثَّانِي) قَالَ فِي التَّوْضِيحِ عَنْ الْقَرَافِيِّ لَا يَجْتَمِعُ مَعَ الْبَيْعِ عُقُودٌ سِتَّةٌ يَجْمَعُهَا قَوْلُكَ جِصُّ مُشَنَّقٌ، فَالْجِيمُ لِلْجَعَالَةِ وَالصَّادُ لِلصَّرْفِ، وَالْمِيمُ لِلْمُسَاقَاةِ وَالشِّينُ لِلشَّرِكَةِ وَالنُّونُ لِلنِّكَاحِ، وَالْقَافُ لِلْقِرَاضِ لِتَضَادِّ أَحْكَامِهَا وَأَحْكَامِ الْبَيْعِ وَنَظَمَهَا بَعْضُهُمْ، فَقَالَ
عُقُودٌ مَنَعْنَاهَا مَعَ الْبَيْعِ سِتَّةٌ ... وَيَجْمَعُهَا فِي اللَّفْظِ جِصٌّ مُشَنَّقُ
فَجَعْلٌ وَصَرْفٌ وَالْمُسَاقَاةُ شَرِكَةٌ ... نِكَاحٌ قِرَاضٌ مَنْعُ هَذَا مُحَقَّقُ
وَقَدْ نَظَمْتُ الْعُقُودَ الْمَذْكُورَةَ فِي بَيْتَيْنِ مَعَ زِيَادَةِ فَائِدَةٍ أُخْرَى فَقُلْت:
نِكَاحٌ وَصَرْفٌ وَالْمُسَاقَاةُ شَرِكَةٌ ... قِرَاضٌ وَجُعْلٌ فَامْنَعْنَهَا مَعَ الْبَيْعِ
كَذَا الْقَرْضُ فَامْنَعْ مَعَ عُقُودِكِ كُلِّهَا ... سِوَى عَقْدِ مَعْرُوفٍ يَكُونُ عَلَى الطَّوْعِ
(قُلْتُ) : وَقَدْ نَصَّ عَلَى ذَلِكَ فِي كِتَابِ الصَّرْفِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ فَقَالَ: لَا يَجُوزُ صَرْفٌ وَبَيْعٌ فِي صَفْقَةٍ، وَلَا شَرِكَةٌ فِي نِكَاحٍ وَبَيْعٍ، وَلَا جَعْلٌ وَبَيْعٌ وَلَا قِرَاضٌ وَبَيْعٌ وَلَا مُسَاقَاةٌ وَبَيْعٌ، وَقَالَ اللَّخْمِيُّ فِي تَبْصِرَتِهِ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ قَوْلَ مَالِكٍ بِالْمَنْعِ فِي هَذِهِ السِّتَّةِ: وَقَدْ اُخْتُلِفَ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ، وَقَالَ أَبُو الْحَسَنِ الصَّغِيرُ ذَكَرَ سِتَّةَ عُقُودٍ تُمْنَعُ مَعَ الْبَيْعِ وَكَذَلِكَ السَّلَفُ مَعَ الْبَيْعِ وَقَدْ نَظَمَهَا بَعْضُهُمْ، فَقَالَ
تَجَنَّبْ عُقُودًا سَبْعَةً فَهِيَ كُلُّهَا ... مَدَى الدَّهْرِ عِنْدِي لَا تَجُوزُ مَعَ الْبَيْعِ
نِكَاحٌ وَقَرْضٌ أَوْ قِرَاضٌ وَشَرِكَةٌ ... وَجَعْلٌ وَصَرْفٌ وَالْمُسَاقَاةُ فِي الْمَنْعِ