للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْأَصْلَ عَدَمُ التَّنْجِيسِ اهـ.

(قُلْتُ:) مَا ذَكَرَهُ أَخِيرًا هُوَ الظَّاهِرُ فِي تَوْجِيهِ تَرْكِ الْغَسْلِ إلَّا أَنَّ غَسْلَ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ لِلْوُضُوءِ ثَانِيَةً يُجْزِي عَنْ غَسْلِ النَّجَاسَةِ؛ لِأَنَّا وَإِنْ قُلْنَا بِذَلِكَ فَيُشْكِلُ بِمَسْحِ الرَّأْسِ وَبِمَا أَصَابَ غَيْرَ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ فَإِنَّ ابْنَ مَسْلَمَةَ قَالَ يَغْسِلُ ذَلِكَ كُلَّهُ فَتَأَمَّلْهُ وَبِذَلِكَ صَرَّحَ الْقَرَافِيُّ، فَقَالَ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ الْقَوْلَيْنِ قَوْلَ ابْنِ مَسْلَمَةَ، وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ مِثْلَهُ إلَّا الْغَسْلَ مِنْ الْإِنَاءِ الثَّانِي لِعَدَمِ تَيَقُّنِ النَّجَاسَةِ، وَمِنْ هُنَا يُعْلَمُ أَنَّ الْعِبَارَةَ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا لَمَّا حَكَيْنَا قَوْلَ ابْنِ مَسْلَمَةَ وَهِيَ عِبَارَةُ النَّوَادِرِ أَوْلَى مِنْ قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ وَيَغْسِلُ أَعْضَاءَهُ مِمَّا قَبْلَهُ لِإِيهَامِهَا أَنَّ الْغَسْلَ مَقْصُورٌ عَلَى أَعْضَاءِ وُضُوئِهِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، وَقَدْ أَشَارَ إلَى ذَلِكَ ابْنُ فَرْحُونٍ، وَاَللَّهُ - تَعَالَى - أَعْلَمُ.

(الرَّابِعُ) قَوْلُهُ بِمُتَنَجِّسٍ، أَوْ نَجِسٍ احْتَرَزَ بِهِ مِمَّا لَوْ اشْتَبَهَ طَهُورٌ بِطَاهِرٍ فَإِنَّهُ يَسْتَعْمِلُهَا وَيُصَلِّي صَلَاةً وَاحِدَةً قَالَهُ فِي التَّوْضِيحِ.

(الْخَامِسُ) قَوْلُ الْمُصَنِّفِ بِعَدَدِ النَّجِسِ هُوَ حَيْثُ يَعْلَمُ عَدَدَ النَّجِسِ وَعَدَدَ الطَّاهِرِ فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يَتَوَضَّأُ وَيُصَلِّي بِعَدَدِ الْجَمِيعِ أَيْ يُصَلِّي بِكُلِّ وُضُوءٍ صَلَاةً كَمَا تَقَدَّمَ عَنْ التَّوْضِيحِ.

(السَّادِسُ) تَقَدَّمَ أَنَّ أَحَدَ أَوْجُهِ الصُّورَةِ الْأُولَى أَنْ يَكُونَ الْمَاءُ يَسِيرًا حَلَّتْهُ نَجَاسَةٌ لَمْ تُغَيِّرْهُ عَلَى الْقَوْلِ بِنَجَاسَتِهِ وَهُوَ خِلَافُ الْمَشْهُورِ، وَكَذَلِكَ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ مَشْكُوكٌ فِيهِ. وَأَمَّا عَلَى الْمَشْهُورِ فَحُكْمُهُ مَا قَالَهُ ابْنُ الْجَلَّابِ أَنَّهُ يَتَوَضَّأُ بِأَيِّهِمَا شَاءَ إلَّا أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يَتَوَضَّأَ بِأَحَدِهِمَا وَيُصَلِّيَ ثُمَّ يَتَوَضَّأَ بِالثَّانِي وَيُصَلِّيَ قَالَهُ فِي التَّوْضِيحِ.

(السَّابِعُ) قَالَ ابْنُ شَاسٍ: مِنْ شَرْطِ الِاجْتِهَادِ أَنْ يَعْجِزَ عَنْ الْوُصُولِ إلَى الْيَقِينِ فَإِنْ كَانَ مَعَهُ مَا تَيَقَّنَ طَهَارَتَهُ، أَوْ كَانَ عَلَى شَطِّ نَهْرٍ امْتَنَعَ الِاجْتِهَادُ اهـ. فَظَاهِرُهُ أَنَّهُ إذَا وَجَدَ مَاءً طَاهِرًا مُحَقَّقَ الطَّهَارَةِ إنَّمَا يَمْتَنِعُ التَّحَرِّي، وَلَا يَمْتَنِعُ التَّوَضِّي بِعَدَدِ النَّجِسِ وَهُوَ خِلَافُ مَا قَالَهُ ابْنُ عَرَفَةَ فَإِنَّهُ إنَّمَا فَرَضَ الْمَسْأَلَةَ عِنْدَ فَقْدِ الْمَاءِ الطَّهُورِ وَنَصُّهُ إنْ اشْتَبَهَ طَهُورٌ عَلَى فَاقِدِهِ بِنَجَسٍ فَفِي تَيَمُّمِهِ وَتَعَدُّدِ وُضُوئِهِ وَصَلَاتِهِ بِعَدَدِهِ وَوَاحِدٌ إلَى آخِرِهِ، وَفِي كَلَامِ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ إشَارَةٌ إلَى ذَلِكَ فَإِنَّهُ لَمَّا ذَكَرَ كَلَامَ ابْنِ شَاسٍ قَالَ بَعْدَ قَوْلِهِ امْتَنَعَ الِاجْتِهَادُ يَعْنِي التَّحَرِّي؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَحْصُلُ الظَّنُّ كَمَا تَقَدَّمَ. وَأَمَّا التَّوَضُّؤُ بِالْجَمِيعِ، أَوْ بِعَدَدِ النَّجِسِ فَقَدْ يُقَالُ إنَّ التَّطْهِيرَ بِمُتَحَقِّقِ الطَّهَارَةِ يَتَعَيَّنُ؛ لِأَنَّ إعَادَةَ الصَّلَاةِ عَلَى خِلَافِ الْأَصْلِ وَخِلَافِ مَا رُوِيَ فَتَرْكُ ذَلِكَ مُتَعَيِّنٌ اهـ.

وَقَدْ فَهِمَ صَاحِبُ الذَّخِيرَةِ كَلَامَ الْجَوَاهِرِ عَلَى هَذَا فَقَالَ: وَفِي الْجَوَاهِرِ إنْ وَجَدَ مَاءً تَيَقَّنَ طَهُورِيَّتَهُ لَمْ يَجْتَهِدْ، وَإِنْ لَمْ يَجِدْ فَلِلْأَصْحَابِ أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ وَذَكَرَهَا فَجَعَلَ الْخِلَافَ إنَّمَا هُوَ مَعَ عَدَمِ الْوُجُودِ وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ فَإِنَّهُ لَا ضَرُورَةَ تَدْعُو إلَى اسْتِعْمَالِ مَاءٍ مَشْكُوكٍ فِي نَجَاسَتِهِ فِي أَعْضَائِهِ وَثِيَابِهِ.

(الثَّامِنُ) إذَا أَخْبَرَهُ عَدْلٌ بِنَجَاسَةِ أَحَدِهِمَا عَمِلَ عَلَيْهِ إنْ بَيَّنَ وَجْهَ النَّجَاسَةِ، أَوْ كَانَ مَذْهَبُهُ كَمَذْهَبِهِ وَإِلَّا فَلَا، نَقَلَهُ ابْنُ فَرْحُونٍ وَهُوَ جَارٍ عَلَى مَا تَقَدَّمَ، وَلَوْ أُخْبِرَ بِطَهَارَةِ أَحَدِهَا نُقِلَ عَنْ ابْنِ هَارُونَ أَنَّهُ قَالَ لَا نَصَّ وَالظَّاهِرُ عِنْدِي أَنَّهُ يَسْتَعْمِلُهُ قَالَ صَاحِبُ الْجَمْعِ: وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ يَجْرِي عَلَى مَا قَالُوا فِي النَّجَاسَةِ فَلَا يَقْبَلْهُ إلَّا بِأَحَدِ الشَّرْطَيْنِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ الْأَصْلُ الطَّهَارَةُ وَانْضَافَ إلَى ذَلِكَ خَبَرُ الْعَدْلِ فَيَسْتَعْمِلُهُ.

(قُلْتُ:) وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ إلَّا أَنْ يَظْهَرَ فِي الْمَاءِ مَا يَقْتَضِي نَجَاسَتَهُ، أَوْ عَدَمَ طَهُورِيَّتِهِ كَمَا تَقَدَّمَ عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَقَبِلَ خَبَرَ الْوَاحِدِ.

(التَّاسِعُ) الْأَعْمَى كَالْبَصِيرِ عَلَى الْمَشْهُورِ وَعَلَى غَيْرِهِ مِنْ الْأَقْوَالِ إلَّا عَلَى الْقَوْلِ بِالِاجْتِهَادِ فَاخْتُلِفَ فِيهِ هَلْ هُوَ كَالْبَصِيرِ، أَوْ لَا، قَوْلَانِ ذَكَرَهُمَا فِي الذَّخِيرَةِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ يَتَأَتَّى مِنْهُ الِاجْتِهَادُ.

(الْعَاشِرُ) إذَا أُهْرِيقَتْ الْأَوَانِي وَلَمْ يَبْقَ مِنْهَا غَيْرُ وَاحِدٍ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ عَنْ الْمَازِرِيِّ لَا نَصَّ وَيَتَيَمَّمُ عَلَى قَوْلِ سَحْنُونٍ وَيَجْمَعُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ التَّيَمُّمِ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْمَاجِشُونِ وَعَلَى قَوْلِ ابْنِ مَسْلَمَةَ زَادَ عَنْهُ صَاحِبُ الْجَمْعِ وَيَجْرِي الْخِلَافُ فِي الْبُدَاءَةِ بِهِ عَلَى الْخِلَافِ فِي الْمَاءِ الْمَشْكُوكِ وَعَلَى الْقَوْلِ بِالتَّحَرِّي يَعْمَلُ عَلَى مَا غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ فَإِنْ غَلَبَ

<<  <  ج: ص:  >  >>