للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَالَ ابْنُ فَرْحُونٍ: قَوْلُ الْمُؤَلِّفِ الْمَرْأَةُ تَدْخُلُ فِيهِ الشَّابَّةُ وَالْمُتَجَالَّةُ وَهُوَ قَوْلُ الْجُمْهُورِ، وَقَالَ ابْنُ رَاشِدٍ: إنْ كَانَتْ مُتَجَالَّةً أَوْ مِمَّنْ لَا يُؤْبَهُ بِهِ لَمْ تُمْنَعْ مِنْ الْخُرُوجِ يُرِيدُ بِخِلَافِ الشَّابَّةِ ثُمَّ نَقَلَ كَلَامَ التَّوْضِيحِ وَمَا ذُكِرَ فِي التَّوْضِيحِ مِنْ الرَّدِّ غَيْرُ ظَاهِرٍ لِأَنَّهُ يُنْتَقَضُ بِمَا إذَا سَافَرَتْ مَعَ مَنْ تَرْتَفِعُ مَعَهُ الْخَلْوَةُ وَأَمَّا حَيْثُ الْخَلْوَةُ فَذَلِكَ مَمْنُوعٌ بِلَا إشْكَالٍ وَقَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ: قَالَ الْقَاضِي قَالَ الْبَاجِيُّ: هَذَا عِنْدِي فِي الشَّابَّةِ وَأَمَّا الْكَبِيرَةُ غَيْرُ الْمُشْتَهَاةُ فَتُسَافِرُ حَيْثُ شَاءَتْ فِي كُلِّ الْأَسْفَارِ بِلَا زَوْجٍ وَلَا مَحْرَمٍ وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ الْبَاجِيُّ لَا يُوَافِقُ عِلْمَهُ لِأَنَّ الْمَرْأَةَ مَظِنَّةُ الطَّمَعِ فِيهَا وَمَظِنَّةُ الشَّهْوَةِ وَلَوْ كَانَتْ كَبِيرَةً وَقَدْ قَالُوا: لِكُلِّ سَاقِطَةٍ لَاقِطَةٌ وَيَجْتَمِعُ فِي الْأَسْفَارِ مِنْ سَفَلِ النَّاسِ وَسَقَطِهِمْ مَنْ لَا يَرْتَفِعُ عَنْ الْفَاحِشَةِ بِالْعَجُوزِ لِغَلَبَةِ شَهْوَتِهِ وَقِلَّةِ دِينِهِ انْتَهَى. وَمَا ذَكَرَهُ عَنْ الْبَاجِيِّ إنَّمَا نَقَلَهُ فِي الْإِكْمَالِ عَنْ غَيْرِهِ فَإِنَّهُ ذَكَرَ عَنْ الْبَاجِيِّ الْفَرْعَ الْمُتَقَدِّمَ فِي التَّنْبِيهِ السَّادِسِ وَهُوَ كَوْنُ الْقَوَافِلِ الْعَظِيمَةِ كَالْبَلَدِ ثُمَّ ذَكَرَ هَذَا عَنْ غَيْرِهِ فَقَالَ: وَقَالَ غَيْرُهُ وَهَذَا إلَى آخِرِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ

(الثَّالِثَ عَشَرَ) قَالَ فِي بَابِ الْعِدَّةِ: إذَا خَرَجَتْ مَعَ زَوْجِهَا لِحَجِّ الْفَرِيضَةِ فَمَاتَ أَوْ طَلَّقَهَا فِي ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ أَوْ نَحْوَهَا إنَّهَا تَرْجِعُ إنْ وَجَدَتْ ثِقَةً ذَا مَحْرَمٍ أَوْ نَاسًا لَا بَأْسَ بِهِمْ وَإِنْ بَعُدَتْ أَوْ كَانَتْ أَحْرَمَتْ أَوْ أَحْرَمَتْ بَعْدَ الطَّلَاقِ أَوْ الْمَوْتِ وَسَوَاءٌ أَحْرَمَتْ بِفَرْضٍ أَوْ نَفْلٍ أَوْ لَمْ تَجِدْ رُفْقَةً تَرْجِعُ مَعَهُمْ فَإِنَّهَا تَمْضِي وَلَا شَكَّ أَنَّ حُكْمَ الْمَحْرَمِ كَذَلِكَ إلَّا أَنَّهَا لَا تَرْجِعُ فِي الثَّلَاثَةِ الْأَيَّامِ إذَا كَانَتْ الرُّفْقَةُ مَأْمُونَةً وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(الرَّابِعَ عَشَرَ) قَالُوا أَيْضًا فِي بَابِ الْعِدَّةِ: إذَا خَرَجَتْ مَعَ زَوْجِهَا لِحَجِّ تَطَوُّعٍ أَوْ لِغَزْوٍ أَوْ رِبَاطٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ فَمَاتَ عَنْهَا فِي الطَّرِيقِ إنَّهَا تَرْجِعُ لِتُتِمَّ عِدَّتَهَا بِبَيْتِهَا إنْ عَلِمَتْ أَنَّهَا تَصِلُ قَبْلَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا إنْ وَجَدَتْ ثِقَةً ذَا مَحْرَمٍ أَوْ رُفْقَةً مَأْمُونَةً وَإِلَّا تَمَادَتْ مَعَ رُفْقَتِهَا وَقِيَاسُهُ فِي الْمَحْرَمِ إذَا مَاتَ عَنْهَا أَنَّهَا إنْ لَمْ تَجِدْ مَحْرَمًا وَلَا رُفْقَةً مَأْمُونَةً أَنْ تَمْضِيَ مَعَ رُفْقَتِهَا بِلَا إشْكَالٍ وَإِنْ وَجَدَتْ الْمَحْرَمَ أَنْ تَرْجِعَ مَعَهُ وَإِنْ وَجَدَتْ رُفْقَةً مَأْمُونَةً وَاَلَّتِي هِيَ فِيهَا أَيْضًا مَأْمُونَةٌ فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَكُونَ مَا مَضَى مِنْ سَفَرِهَا أَكْثَرَ مِمَّا بَقِيَ أَوْ بِالْعَكْسِ فَفِي الْأُولَى تَمْضِي مَعَ رُفْقَتِهَا بِلَا إشْكَالٍ وَفِي الثَّانِيَةِ مَحِلُّ نَظَرٍ وَالظَّاهِرُ الرُّجُوعُ ارْتِكَابًا لِأَخَفِّ الضَّرَرَيْنِ إلَّا أَنْ يَكُونَ هُنَاكَ مَا يُعَارِضُهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(الْخَامِسَ عَشَرَ) إذَا قُلْنَا: تُسَافِرُ مَعَ الرُّفْقَةِ الْمَأْمُونَةِ فَالظَّاهِرُ أَنَّ لَهَا أَنْ تَعُودَ مَعَهَا أَيْضًا بَعْدَ قَضَاءِ فَرْضِهَا وَكَذَلِكَ لَوْ سَافَرَتْ مَعَ مَحْرَمٍ ثُمَّ مَاتَ بَعْدَ أَدَاءِ فَرْضِهَا فَالظَّاهِرُ أَنَّ لَهَا أَنْ تَعُودَ مَعَ الرُّفْقَةِ الْمَأْمُونَةِ؛ لِأَنَّ فِي إلْزَامِهَا الْإِقَامَةَ بِغَيْرِ بَلَدِهَا مَشَقَّةٌ عَظِيمَةٌ لَا سِيَّمَا فِي بِلَادِ الْحِجَازِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(السَّادِسَ عَشَرَ) يُسْتَثْنَى مِمَّا تَقَدَّمَ مَا إذَا وَجَدَ الرَّجُلُ الْمَرْأَةَ فِي مَفَازَةٍ وَمَقْطَعَةٍ وَخَشِيَ عَلَيْهَا الْهَلَاكَ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَصْحَبَهَا مَعَهُ وَأَنْ يُرَافِقَهَا وَإِنْ أَدَّى إلَى الْخَلْوَةِ بِهَا لَكِنْ يَحْتَرِسُ جُهْدَهُ وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ قَضِيَّةُ السَّيِّدَةِ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - فِي حَدِيثِ الْإِفْكِ قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ فِي الْإِكْمَالِ: فِيهِ حُسْنُ الْأَدَبِ فِي الْمُعَامَلَةِ وَالْمُعَاشَرَةِ مَعَ النِّسَاءِ الْأَجَانِبِ لَا سِيَّمَا فِي الْخَلْوَةِ بِهِنَّ عِنْدَ الضَّرُورَةِ كَمَا فَعَلَ صَفْوَانُ مِنْ تَرْكِهِ مُكَالَمَةَ عَائِشَةَ وَسُؤَالِهَا وَأَنَّهُ لَمْ يَزِدْ عَلَى الِاسْتِرْجَاعِ وَتَقْدِيمِ مَرْكَبِهَا وَإِعْرَاضِهِ بَعْدَ ذَلِكَ حَتَّى رَكِبَتْ ثُمَّ تَقَدَّمَهُ يَقُودُ بِهَا وَفِيهِ إغَاثَةُ الْمَلْهُوفِ وَعَوْنُ الضَّعِيفِ وَإِكْرَامُ مَنْ لَهُ قَدْرٌ كَمَا فَعَلَ صَفْوَانُ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(السَّابِعَ عَشَرَ) الظَّاهِرُ أَنَّهُ يَكْفِي فِي الْمَحْرَمِ أَنْ يَكُونَ مَعَهَا فِي رُفْقَةٍ وَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ تَكُونَ هِيَ وَإِيَّاهُ مُتَرَافِقَيْنِ فَلَوْ كَانَ فِي أَوَّلِ الرُّفْقَةِ وَهِيَ فِي آخِرِهَا أَوْ بِالْعَكْسِ بِحَيْثُ إنَّهَا إذَا احْتَاجَتْ إلَيْهِ أَمْكَنَهَا الْوُصُولُ بِسُرْعَةٍ كَفَى ذَلِكَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(الثَّامِنَ عَشَرَ) الْخُنْثَى إذَا كَانَ وَاضِحًا فَحُكْمُهُ حُكْمُ الصِّنْفِ الَّذِي لُحِقَ بِهِ وَإِنْ كَانَ مُشْكِلًا فَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ فِي كِتَابِ النِّكَاحِ فِي بَعْضِ التَّعَالِيقِ: يَحْتَاطُ فِي الْحَجِّ لَا يَحُجُّ إلَّا مَعَ ذِي مَحْرَمٍ لَا مَعَ جَمَاعَةِ الرِّجَالِ فَقَطْ.

((قُلْتُ)) : إلَّا أَنْ يَكُونَ جَوَارِيَهُ أَوْ ذَوَاتَ مَحَارِمِهِ انْتَهَى. وَانْظُرْ هَذَا الَّذِي نَقَلَهُ عَنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>