للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَعْضِ التَّعَالِيقِ وَأَقَرَّهُ كَأَنَّهُ الْمَذْهَبُ وَالظَّاهِرُ أَنَّ مَا قَالَهُ خَاصٌّ بِحَجِّ التَّطَوُّعِ أَمَّا حَجُّ الْفَرْضِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَكْفِي خُرُوجُهُ مَعَ جَمَاعَةِ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ إلَّا عَلَى الْقَوْلِ الَّذِي يُشْتَرَطُ فِي الرُّفْقَةِ مَجْمُوعُ الصِّنْفَيْنِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَقَدْ طَالَ الْكَلَامُ بِنَا وَخَرَجْنَا عَنْ الْمَقْصُودِ

فَلْنَرْجِعْ إلَى كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ

ص (وَفِي الِاكْتِفَاءِ بِنِسَاءٍ أَوْ رِجَالٍ أَوْ بِالْمَجْمُوعِ تَرَدُّدٌ)

ش: لَمَّا ذَكَرَ أَنَّ الْمَرْأَةَ تَخْرُجُ مَعَ الرُّفْقَةِ الْمَأْمُونَةِ أَخَذَ يُفَسِّرُهَا وَيَذْكُرُ الِاخْتِلَافَ فِيهَا وَأَشَارَ بِالتَّرَدُّدِ لِاخْتِلَافِ الشُّيُوخِ فِي نَقْلِ كَلَامِ الْمُدَوَّنَةِ فَاخْتَصَرَهَا الْبَرَاذِعِيّ وَبِلَفْظِ فَإِنْ أَبَى الْمَحْرَمُ أَوْ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلِيٌّ وَوَجَدَتْ مَنْ تَخْرُجُ مَعَهُ مِنْ رِجَالٍ أَوْ نِسَاءٍ مَأْمُونِينَ فَلْتَخْرُجْ قَالَ أَبُو الْحَسَنِ الصَّغِيرُ: وَكَذَا اخْتَصَرَهَا ابْنُ يُونُسَ بِالْأَلِفِ وَاخْتَصَرَهَا ابْنُ أَبِي زَمَنِينَ بِالْوَاوِ وَلَفْظُهُ قَالَ مَالِكٌ: وَإِذَا أَرَادَتْ الْمَرْأَةُ الْحَجَّ وَلَيْسَ لَهَا وَلِيٌّ فَلْتَخْرُجْ مَعَ مَنْ تَثِقُ بِهِ مِنْ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَكَذَا اخْتَصَرَهَا سَنَدٌ وَنَصُّهُ: قَالَ مَالِكٌ فِي الْمَرْأَةِ تَحُجُّ بِلَا وَلِيٍّ إذَا كَانَتْ مَعَ جَمَاعَةٍ رِجَالٍ وَنِسَاءٍ: لَا بَأْسَ بِحَالِهِمْ فَلَا أَرَى بَأْسًا أَنْ تَحُجَّ مَعَهُمْ قَالَ وَإِنْ كَانَ لَهَا وَلِيٌّ فَأَبَى أَنْ يَحُجَّ مَعَهَا فَلَا أَرَى بَأْسًا أَنْ تَخْرُجَ مَعَ مِثْلِ مَنْ ذَكَرْت لَكَ انْتَهَى.

قَالَ الشَّيْخُ أَبُو الْحَسَنِ: وَهُوَ كَذَلِكَ فِي الْأُمَّهَاتِ بِغَيْرِ الْفَاءِ فِي قَوْلِهِ وَنِسَاءٍ كَذَا نَقَلَهَا الْقَرَافِيُّ وَنَصُّهُ: قَالَ مَالِكٌ فِي الْكِتَابِ: تَحُجُّ بِلَا وَلِيٍّ مَعَ رِجَالٍ مَرْضِيِّينَ وَإِنْ امْتَنَعَ وَلِيُّهَا وَقَالَ: تَخْرُجُ مَعَ الْمَرْأَةِ الْوَاحِدَةِ الْمَأْمُونَةِ إذَا ثَبَتَ الْمَحْرَمُ لَيْسَ بِشَرْطٍ فَهَلْ تَخْرُجُ مَعَ الرِّجَالِ الثِّقَاتِ، قَالَ سَنَدٌ: مَنَعَهُ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ قَالَ: وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى الْكَرَاهَةِ انْتَهَى. قَالَ الْبِسَاطِيُّ: اخْتَلَفَ الشُّيُوخُ هَلْ الْوَاوُ عَلَى حَالِهَا فَلَا بُدَّ مِنْ الْمَجْمُوعِ أَوْ هِيَ لِلْجَمْعِ الَّذِي يُقْصَدُ بِهِ الْحُكْمُ عَلَى أَحَدِ النَّوْعَيْنِ انْتَهَى، وَقَالَ فِي الْإِكْمَالِ: جَعَلَ أَبُو حَنِيفَةَ الْمَحْرَمَ مِنْ جُمْلَةِ الِاسْتِطَاعَةِ إلَّا أَنْ تَكُونَ دُونَ مَكَّةَ بِثَلَاثِ لَيَالٍ وَذَهَبَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَجَمَاعَةٌ إلَى أَنَّهُ لَيْسَ بِشَرْطٍ وَيَلْزَمُهَا الْحَجُّ دُونَهُ لَكِنَّ الشَّافِعِيَّ فِي أَحَدِ قَوْلَيْهِ يَشْتَرِطُ أَنْ يَكُونَ مَعَهَا نِسَاءٌ وَلَوْ كَانَتْ وَاحِدَةً تَقِيَّةً مُسْلِمَةً وَهُوَ ظَاهِرُ قَوْلِ مَالِكٍ عَلَى اخْتِلَافٍ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ: تَخْرُجُ مَعَ رِجَالٍ وَنِسَاءٍ هَلْ بِمَجْمُوعِ ذَلِكَ أَمْ فِي جَمَاعَةٍ مِنْ أَحَدِ الْجِنْسَيْنِ وَأَكْثَرُ مَا نَقَلَهُ عَنْهُ أَصْحَابُنَا اشْتِرَاطُ النِّسَاءِ، وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ: لَا تَخْرُجُ مَعَ رِجَالٍ لَيْسُوا مِنْهَا بِمَحْرَمٍ وَلَعَلَّ مُرَادَهُ عَلَى الِانْفِرَادِ دُونَ النِّسَاءِ فَيَكُونُ وِفَاقًا لِمَا تَقَدَّمَ عِنْدَنَا وَتَأَوَّلَ صَاحِبُ الطِّرَازِ قَوْلَ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ عَلَى مَا تَأَوَّلَهُ عَلَيْهِ الْقَاضِي عِيَاضٌ وَحَمَلَهُ عَلَى الْكَرَاهَةِ وَحَمَلَهُ اللَّخْمِيُّ عَلَى الْخِلَافِ وَأَنَّهُ يَقُولُ: لَا تَخْرُجُ إلَّا مَعَ زَوْجٍ أَوْ مَحْرَمٍ وَاخْتَارَهُ.

(تَنْبِيهَاتٌ الْأَوَّلُ) تَحَصَّلَ مِنْ كَلَامِ الْقَاضِي عِيَاضٍ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ: أَحَدُهَا اشْتِرَاطُ الْمَجْمُوعِ، الثَّانِي الِاكْتِفَاءُ بِأَحَدِ الْجِنْسَيْنِ، الثَّالِثُ اشْتِرَاطُ النِّسَاءِ سَوَاءٌ كُنَّ وَحْدَهُنَّ أَوْ مَعَ رِجَالٍ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُوَطَّإِ كَمَا تَقَدَّمَ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْقَاضِي عِيَاضٍ أَنَّ الْمَرْأَةَ الْوَاحِدَةَ تَكْفِي فِي ذَلِكَ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ صَاحِبِ الذَّخِيرَةِ وَأَمَّا كَلَامُ الْمُصَنِّفِ فَلَا يُفْهَمُ مِنْهُ إلَّا قَوْلَانِ: الِاكْتِفَاءُ بِأَحَدِ الْجِنْسَيْنِ، وَاشْتِرَاطُ الْمَجْمُوعِ وَلِذَلِكَ كَرَّرَ الْبَاءَ فِي قَوْلِهِ أَوْ بِالْمَجْمُوعِ وَيَظْهَرُ مِنْ كَلَامِ صَاحِبِ الْإِكْمَالِ أَنَّ هَذِهِ تَأْوِيلَاتٌ عَلَى الْمُدَوَّنَةِ فَكَانَ الْأَلْيَقُ بِقَاعِدَةِ الْمُصَنِّفِ أَنْ يَقُولَ: تَأْوِيلَانِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(الثَّانِي) يُؤَيِّدُ الْقَوْلَ بِالِاكْتِفَاءِ بِأَحَدِ الْجِنْسَيْنِ كَوْنُ الْبَرَاذِعِيّ وَابْنُ يُونُسَ اخْتَصَرَا الْمُدَوَّنَةَ بِأَوْ كَمَا تَقَدَّمَ فِي كَلَامِهِمَا وَتَبِعَهُمَا عَلَى ذَلِكَ ابْنُ الْمُنِيرِ فِي مُخْتَصَرِهِ الَّذِي اخْتَصَرَ فِيهِ التَّهْذِيبَ وَقَالَ فِي مُخْتَصَرِ الْوَاضِحَةِ: فَإِنْ لَمْ يَكُنْ ذُو مَحْرَمٍ فَمَعَ جَمَاعَةِ نِسَاءٍ صَوَالِحَ، فَإِنْ لَمْ تَجِدْ ذَا مَحْرَمٍ وَلَا جَمَاعَةً مِنْ النِّسَاءِ جَازَ لَهَا أَنْ تَخْرُجَ مَعَ جَمَاعَةٍ مِنْ الْحُجَّاجِ شَابَّةً كَانَتْ أَوْ عَجُوزًا وَعَلَيْهَا حِفْظُ نَفْسِهَا وَدِينِهَا وَهَذَا فِي حَجِّ الْفَرِيضَةِ انْتَهَى.

(الثَّالِثُ) لَوْ تَرَكَ الْمُؤَلِّفُ قَوْلَهُ أَوْ بِالْمَجْمُوعِ لَكَانَ أَحْسَنُ لِإِيهَامِ كَلَامِهِ أَنَّهُ دَاخِلٌ فِي التَّرَدُّدِ وَلَا تَرَدُّدَ فِيهِ وَلَوْ قَالَ: وَفِي الِاكْتِفَاءِ

<<  <  ج: ص:  >  >>