خمسمائة دينار تقطع وتهدر بربع دينار هذا تناقض؛ لأنه إذا كانت اليد ديتها خمسمائة دينار فلا تقطع إلا بسرقة خمسمائة دينار؛ وإذا كانت تقطع بربع دينار صارت ديتها ربع دينار وإلا فتناقض؟ لكنهم ردوا عليه فقالوا:
قل للمعري عار أيما عار ... جهل الفتى وهو عن ثوب التُقى عاري
عار: أي: ليس عنده علم ولا عبادة.
يد بخمس مئين عسجدًا وديت ... لكنها قطعت في ربع دينار
حماية النفس أغلاها وأرخصها ... حماية المال فافهم حكمة الباري
فانظر إلى الجواب والشاهد في البيت الأخير، يعني أن ديتها جعلت خمسمائة دينار حماية للنفوس، حتى لا يجتريء أحد على قطع أيدي الناس، وقطعت في ربع دينار حماية للأموال حتى لا يجتريء أحد على السرقة، وهذا جواب واضح معقول.
وهناك جواب آخر، يشبه أن يكون أدبيًا، قال: إنها لما خانت هانت، ولما كانت أمينة كانت ثمينة، لما خانت بالسرقة هانت وصارت قيمتها ربع دينار، ولما كانت أمينة كانت ثمينة وكانت قيمتها خمسمائة دينار، وعلى كل حال هذه أجوبة في الواقع لهؤلاء الذين يوردون مثل هذه الشبه، وإلا فإننا نعلم علم اليقين أن الله لا يفرق بين شيئين إلا وبينهما فرق أوجب التفريق في الحكم.
لو قال قائل: إذا قُدِّرَ أن السارق يستعمل شماله في السرقة ويعتمد عليها فهل تقطع اليمنى أم اليسرى؟
الجواب: تقطع يمينه حتى لو سرق بفمه، كأن يجد السارق حُليًا معلقًا فيعضه بفمه حتى يقطع حبله؛ لأنه لو استعمل يمينه