قوله:{بِإِذْنِهِ} الإذن: هنا قدري، والإذن القدري بمعنى: المشيئة والإرادة، ويقابله الإذن الشرعي، مثل قوله تعالى:{قُلْ آللَّهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللَّهِ تَفْتَرُونَ}[يونس: ٥٩]، معلوم أن الله أذن لهم قدرًا لكنه لم يأذن لهم شرعًا، ومن الإذن الشرعي قوله تعالى:{أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ}[الشورى: ٢١]، ومن الإذن القدري قوله في هذه الآية:{بِإِذْنِهِ} ومنها أيضًا قوله تعالى: {مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ}[البقرة: ٢٥٥]، فالإذن نوعان: إذن قدري وإذن شرعي.
والفرق بينهما: أن الإذن الشرعي لا يكون إلا فيما يرضاه الله عزّ وجل، والإذن القدري يكون فيما يرضاه وفيما لا يرضاه، هذا الفرق الأول.
والفرق الثاني: أن ما أذن به شرعًا فقد يقع وقد لا يقع، إذ إن الناس قد يمتثلون، وقد لا يمتثلون وأما ما أذن به قدرًا فلا بد من وقوعه.
قوله:{وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} الهداية إذا تعدَّت بـ "إلى" فهي هداية الدلالة، وعلى هذا فمعنى قوله:{وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} أي: يدلهم إليه، وهذا يعني فتح أبواب العلم لهم حتى يعلموا ما لم يكونوا يعلمونه من قبل.
[من فوائد الآيتين الكريمتين]
الفائدة الأولى: خطاب اليهود والنصارى بأهل الكتاب، وقد يقول قائل: في هذا إكرام لهم وإعزاز لهم أن سماهم أهل الكتاب؟