على أن إقراره حق وليس عن تلاعب، وليس عن إكراه، هو الذي دلّ الناس على مكان السرقة وعلى كيفية السرقة، ولا شك أن مثل هذا لا يُقبل رجوعه عن إقراره.
إذًا يشترط ثبوت السرقة والدليل الآية:{وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ} إذ لا يصدق عليه أنه سارق أو سارقة إلا بالثبوت، والثبوت يكون بشهادة عدلين وإما باعتراف.
وهل لا بد من التكرار أم لا؟ فيه خلاف وتقدم.
الفائدة الرابعة: وجوب قطع يد السارق والسارقة اليمنى، كما فسَّر ذلك قراءة عبد الله بن مسعود رضي الله عنه:"فاقطعوا أيمانهما" فتُقطَع اليد اليمنى بربع دينار، ومن أين تقطع؟ تقطع مما يصدق عليه أنه يد، فأقل ما يصدق عليه أنه يد تقطع منه؛ لأن ما زاد على ما يصدق عليه اليد مشكوك فيه، والذي يصدق عليه أنه يد الكف، فتقطع من مفصل الكتف من الرُّسْغ والكوع والكرسوع، الكوع الذي يلي الإبهام في طرف الذراع، والكرسوع الذي يكي الخنصر، والرسغ الذي في الوسط.
فإن قال قائل: كيف تقطع بربع دينار وهي لو قطعت عمدًا لكان فيها خمسمائة دينار يعني لو أن إنسانًا جنى على شخص وقطع يده، قلنا: عليك خمسمائة دينار، والسارق يسرق ربع دينار وتقطع يده. ولهذا أورد التشكيك في هذه المسألة أبو العلاء المعري فقال:
يد بخمس مئين عسجدًا وديت ... ما بالها قطعت في ربع دينار
تناقض ما لنا إلا السكوت له ... ونستعيد بمولانا من النار