لكن هل يُشترط تكرار الإقرار أو لا؟ في هذا خلاف بين العلماء، منهم من يقول: لا بد أن يكرر الإقرار مرتين كل مرة بإزاء شاهد؛ لأنه لا بد من شاهدين فلا بد أن يقر مرتين، فلو أقر مرة لم تثبت السرقة، وقال بعض أهل العلم: تثبت بالإقرار مرة؛ لأنه شهد على نفسه، ولا عذر لمن أقر، فتثبت السرقة بإقراره مرة.
وإذا أقر سواء قلنا مرتين أو مرة فهل له أن يرجع، يعني هل يُقبل رجوعه بحيث لا نقيم عليه الحد؟
أكثر الفقهاء يقولون: يُقبل رجوعه عن الإقرار، وعلى هذا لا يقطع، لكن يؤخذ بحق الآدمي يُضمَّن المال. أما القطع فلا؛ لأنه رجع عن إقراره، وقال بعض العلماء: لا يرجع إذا أقر عند القاضي.
والصحيح في هذا التفصيل، أنه إذا وجدت قرائن تدل على صحة إقراره، فإنه لا يقبل الرجوع، وإذا لم توجد قرائن، فإنه يقبل رجوعه، ويكون الأمر بينه وبين ربه، فلو قال السارق: إنه سرق، قلنا كيف سرقت؟ قال: أتيت في الليل فكسرت الباب وكسرت الصندوق وأخذت المال. وهذا البيت هو الذي أنا سرقته، ووصفه تمامًا، ثم رجع، هل يقبل مثل هذا؟ لا يمكن أن يُقبل؛ لأنه لو قبل مثل هذا، أي: قبل الرجوع عن إقراره لتعطلت الحدود، بل قال شيخ الإسلام رحمه الله: لو قبل رجوع المقر في الحد ما أقيم حد في الدنيا؛ لأن كل إنسان يمكنه أن يقر ثم يرجع، لا سيما إذا لُقِّن، وقيل له: ارجع لا تخف، بعد أن أمر القاضي بقطع يده وأُحضِرت السكين، وأحضِر الزيت لتحسم يده، وحضر رجال الأمير، ثم قال: اصبروا؛ أنا رجعت عن إقراري، هذا شبه تلاعب، فنقول: هذا لا يقبل؛ لأنه وجدت قرائن تدل