هو أيضًا نورٌ في الوجه؛ لأن المتمسك بشريعة النبي عليه الصلاة والسلام لا بد أن يؤثر ذلك عليه في مقاله وفعاله وحاله، فيستنير الوجه، ولهذا تجد للعلماء الربانيين، نورًا في وجوههم يكاد يكون محسوسًا، أما المعنوي فمعلوم حتى لو كان العالم الرباني جلده ليس بأبيض فإنه يستنير وجهه، والنور شيء واللون شيء آخر.
ونورٌ أيضًا في القبر، فإن الإنسان إذا كان مؤمنًا -جعلنا الله منهم- يفسح له في قبره مد بصره ويأتيه من روح الجنة ونعيمها (١)، هو أيضًا نورٌ يوم القيامة قال تعالى:{يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ يَسْعَى نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ}[الحديد: ١٢].
إذًا: فكلمة نور شاملة عامة في كل ما يمكن أن يكون فيه ظلمة فالدين الإسلامي ينيره.
الفائدة التاسعة: أن القرآن مكتوب، وتقدم أنه مكتوب في المصاحف التي بين أيدينا وفي اللوح المحفوظ، وفي الصحف التي بأيدي الملائكة.
الفائدة العاشرة والحادية عشرة: أن القرآن الكريم مبيِّن للأشياء، وأوضح من ذلك قوله تعالى:{وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ}[النحل: ٨٩]، وكلمة "مبين" ذكرنا في التفسير أنها يصح أن تكون متعدية أو لازمة، فإن كانت لازمة فالمعنى: أنه بيِّن بنفسه، وإن كانت متعدية فالمعنى: أنه مبين لغيره، والقرآن لا شك أن بيانه بنفسه وإبانته لغيره هو وصفه، فإذا كان مبينًا وتبيانًا لكل شيء، ألا يتفرع على هذا أنه لا يليق بنا أن نعرض
(١) رواه أبو داود، كتاب السنة، باب في المسألة في القبر وعذاب القبر، وأحمد (٤/ ٢٨٧) (١٨٥٥٧) عن البراء بن عازب.