للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يقول: {وَإِذْ غَدَوْتَ مِنْ أَهْلِكَ تُبَوِّئُ الْمُؤْمِنِينَ مَقَاعِدَ لِلْقِتَالِ}:

"تبوئ" هذه الجملة حالية يعني حال كونك تبوئ، ومعنى تبوئ يعني تنزل، والتبوؤ: معناه النزول كما جاء في الحديث الصحيح: "من كذب عليَّ متعمدًا فليتبوأ مقعده من النار" (١) أي فلينزل نفسه مقعدًا من النار، وقال تعالى: {وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ} [الحشر: ٩] أي نزلوها.

قال: {تُبَوِّئُ الْمُؤْمِنِينَ مَقَاعِدَ لِلْقِتَالِ}:

المؤمن هو المُقر بما يجب الإيمان به مع القبول والإذعان، وفي هذه شهادة من الله عزّ وجل أيما شهادة على أن هؤلاء الذين شهدوا هذه المعركة مؤمنون. {تُبَوِّئُ الْمُؤْمِنِينَ مَقَاعِدَ لِلْقِتَالِ} الله أكبر، مقاعد للقتال أي يثبتون ويقعدون كثبوت القاعد، ولهذا قال: {مَقَاعِدَ} ولم يقل منازل من أجل أن تكون هذه الأماكن التي بوؤوها مكانًا ثابتًا كثبات القاعد في مجلسه، وليس المعنى أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - جعل لهم هذه المنازل وقال اجلسوا. بل هم يتكيفون كما يناسب مصلحة الحرب لكنها سُميت مقاعد من أجل الثبات فيها. {لِلْقِتَالِ}: يعني لقتال الأعداء، وتعلمون أن المقاتل لن يبقى في مكانه دائمًا إنما يكرّ ويفرُّ حسب ما تقتضيه المصلحة.

{وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ}:

أي سميع لما تقول لهم، "عليم" بأحوالهم. وقد نقول: إنَّ


(١) رواه البخاري، كتاب أحاديث الأنبياء، باب ما ذكر عن بني إسرائيل، رقم (٣٤٦١). ورواه مسلم، في المقدمة، باب تغليظ الكذب على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، رقم (٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>